فافهم (١).
__________________
ـ وحرمة فعل محتمل الحرمة. وإذا كان التكليف الفعليّ معلوما يرفع موضوع السعة والبراءة ، وهو الجهل بالوظيفة الفعليّة ، بل يقع المكلّف في ضيق الاحتياط ، لأنّ المفروض أنّه تكليفه الفعليّ. فإذن كانت أدلّة الاحتياط واردة على حديث السعة.
الثاني : أن يكون وجوبه طريقيّا ، بمعنى أنّه يجب الاحتياط لكونه طريقا إلى الحكم الواقعيّ المجهول من الوجوب والحرمة ، فيكون الداعي إلى إيجاب الاحتياط مجرّد حفظ الواقع في ظرف الجهل بالوظيفة الفعليّة ، لا كونه وظيفة فعليّة للمكلّف حال الجهل بالواقع ، فتكون الوظيفة الفعليّة باقية على حالها من المجهوليّة. فلا يكون إيجاب الاحتياط رافعا لموضوع حديث السعة ليقدّم عليه ورودا ، بل هما متعارضان ، لأنّ حديث السعة ظاهر في الترخيص والتوسعة من ناحية الإلزام المجهول ، بخلاف دليل الاحتياط الطريقيّ ، فإنّه ظاهر في أنّ إيجابه لأجل حفظ الواقع المجهول ، فهما متعارضان.
وبالجملة : إن كان إيجاب الاحتياط نفسيّا يتمّ ما ذكره الشيخ الأعظم ، فيقع المكلّف في ضيق الاحتياط لرفع موضوع السعة. وإن كان إيجابه طريقيّا لا يتمّ ما ذكره الشيخ ولا يقع المكلّف في ضيق الاحتياط ، بل يواجه الدليلين المتعارضين : (أحدهما) حديث السعة الّذي يقتضي السعة وعدم ضيق المكلّف. (ثانيهما) أدلّة الاحتياط الطريقيّ الّتي تقتضي وجوب رعاية الاحتياط لأجل تحفّظ الواقع المجهول. فلا بدّ له من الرجوع فيهما إلى قواعد التعارض.
وقد عرفت في الاستدلال بحديث الرفع أنّ إيجاب الاحتياط طريقيّ ، فلا تكون أدلّة الاحتياط واردة على حديث السعة.
ولا يخفى عليك : أنّ في كون إيجاب الاحتياط طريقيّا غيريّا إشكال ، كما مرّ في التعليقة (٢) من هذا الفصل ، الصفحة : ١٩.
(١) لعلّه إشارة إلى ما أفاده المحقّق الاصفهانيّ ممّا حاصله : أنّه يمكن القول بورود أدلّة الاحتياط وإن كان واجبا طريقيّا ، لأنّ المراد من العلم مطلق الحجّة القاطعة للعذر ، فيكون مفاد دليل البراءة هو التوسعة فيما لم تقم حجّة على الواقع ، وبعد أن كان احتمال التكليف منجّزا بدليل الاحتياط كان كما وردت أمارة وقلنا بأنّ معنى حجّيّتها منجّزيّتها للواقع ، فكما كانت الأمارة واردة على دليل البراءة كذلك يكون دليل الاحتياط واردا على دليل البراءة. نهاية الدراية ٢ : ٤٥١.
وذهب السيّد المحقّق الخوئيّ إلى عدم دلالة الحديث على البراءة بدعوى أنّه مرسل لا يصحّ الاعتماد عليه ، بل لم يوجد في كتب الأخبار أصلا. مصباح الاصول ٢ : ٢٧٨.
وأنت خبير بورود مضمونه في جوامع الأخبار ، كما مرّ. وأمّا ضعفه سندا فينجبر بالشهرة.