وبعدم الفصل قطعا بين إباحته وعدم وجوب الاحتياط فيه (١) وبين عدم وجوب الاحتياط في الشبهة الوجوبيّة يتمّ المطلوب (٢) ؛ مع إمكان أن يقال : «ترك

__________________

ـ في لحم نوع ثالث من الحيوان ـ كالحمير ـ فيحكم بحلّيّته ما لم يعلم أنّه حرام بمقتضى هذا الحديث ، إذ يصدق عليه أنّ فيه حلالا وحراما. نهاية الأفكار ٣ : ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ، مقالات الاصول ٢ : ١٧٣.

ودفع أيضا قرينيّة القرينة الثانية الّتي ذكرهما المحقّق النائينيّ ، فقال في هامش فوائد الاصول : «معنى معرفة الحرام بعينه تشخيص الحرام من الحلال ، لا تشخيصه خارجا ، فلا قصور في شمول الحديث ـ لو لا الأمثلة في ذيلها ـ للشبهات الحكميّة. هذا مع إمكان حمل «بعينه» على بيان التأكيد لموضوع الحرمة وأنّه حقيقة معروضها ، لا أنّه من توابع المعروض ، فيرتفع حينئذ الإشكال رأسا». راجع هامش فوائد الاصول ٣ : ٣٦٤.

هذا كلّه بالنسبة إلى القرينتين اللّتين ذكرهما المحقّق النائينيّ. وأمّا القرينة الّتي ذكرها المحقّق الاصفهانيّ : فالظاهر من كلام المحقّق العراقيّ في هامش فوائد الاصول أنّه سلّم قرينيّتها ، لكن لا على اختصاصها بالشبهات الموضوعيّة ، بل على عدم دلالة الحديث على البراءة ، فقال : «نعم ، العمدة في هذه الرواية الأمثلة الواقعة في ذيلها. والّذي يسهل الخطب أنّ هذه الأمثلة لا يناسب قاعدة الحلّيّة ، حتّى على اختصاصها بالشبهات الموضوعيّة ، فلا بدّ من التفصّي عنها على كلا التقديرين ، كما لا يخفى». راجع هامش فوائد الاصول ٣ : ٣٦٤.

وبالجملة : فالمحقّق العراقيّ وافق المصنّف رحمه‌الله على ما في نهاية الأفكار ومقالات الاصول ، وخالفه على ما في هامش فوائد الاصول.

وأمّا السيّد الإمام الخمينيّ : فوافق المصنّف رحمه‌الله في تعميم مدلول الحديث للشبهات الحكميّة ، لعدم قرينيّة قوله عليه‌السلام : «بعينه» على اختصاصه بالشبهات الموضوعيّة ، فإنّه تأكيد لقوله عليه‌السلام : «تعرف» ، ومفاده كناية عن وقوف المكلّف على الأحكام وقوفا علميّا. وخالفه في تعميمه للشبهات التحريميّة البدويّة ، بدعوى ظهور قوله عليه‌السلام : «بعينه» في مقابل المعلوم بالإجمال ، فيكون الحديث بعدد الترخيص في ارتكاب أطراف المعلوم بالإجمال حتّى يعرف بعينه ـ أي تفصيلا ـ ، ويكون وزانه وزان قوله عليه‌السلام : «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام بعينه» ، فإنّ مفاده الترخيص في التصرّف بالمال المختلط بالحرام.

وعليه فيكون الحديثان أجنبيّين عن الشبهات التحريميّة البدويّة. راجع تهذيب الاصول ٢ : ٢٤١ و ٣١٣ ، أنوار الهداية ٢ : ٧٢ ـ ٧٤.

(١) هذا الضمير وضمير «إباحته» راجعان إلى ما لم يعلم حرمته.

(٢) والأولى سوق العبارة هكذا : «يتمّ المطلوب بعدم الفصل بين إباحة الشيء المشكوك ـ

۴۴۳۱