مع أنّ تقييد الإطلاقات الواردة في مقام الجواب عن سؤال حكم المتعارضين بلا استفصال عن كونهما متعادلين أو متفاضلين ـ مع ندرة كونهما متساويين جدّا ـ بعيد قطعا (١) ، بحيث لو لم يكن ظهور المقبولة في ذاك الاختصاص (٢) لوجب حملها عليه أو على ما لا ينافيها من الحمل على الاستحباب ـ كما فعله بعض الأصحاب (٣) ـ. ويشهد به الاختلاف الكثير بين ما دلّ على الترجيح من الأخبار (٤).

ومنه قد انقدح حال سائر أخباره (٥).

__________________

ـ «ما يحكم له فإنّما يأخذه سحتا ، وإن كان حقّه ثابتا». مع أنّ دلالتها ممّا لا ينبغي الإشكال في تماميّتها ، فإنّ صدرها وإن كان ناظرا إلى ترجيح أحد الحكمين على الآخر إلّا أنّ ظاهر ذيلها هو ترجيح أحد الروايتين على الاخرى ، إذ الترجيح بكون الرواية مجمعا عليها بين الأصحاب وبموافقة الكتاب والسنّة وبمخالفة العامّة قد اعتبر فيها بعد فرض سقوط حكم الحكمين بالمعارضة ، فبعد سقوط الحكم يرجع إلى الروايتين ويؤخذ بالراجح منهما. مصباح الاصول ٣ : ٤٠٩ ـ ٤١٠.

(١) إذ يلزم منه حمل إطلاقات التخيير على الفرد النادر ، وحمل المطلق على الفرد النادر ركيك.

(٢) أي : الاختصاص بزمان التمكّن من لقاء الإمام عليه‌السلام.

(٣) الظاهر أنّه السيّد الصدر في شرح الوافية ، لكنّه ـ على ما في الفرائد ـ حمل جميع أخبار الترجيح على الاستحباب ، لا خصوص المقبولة. راجع شرح الوافية (مخطوط) : ٥٠٠ ، وفرائد الاصول ٤ : ٥٥.

(٤) وأورد عليه السيّد الخوئيّ بأنّ حمل إطلاقات أخبار التخيير على الفرد النادر إنّما يلزم فيما إذا قلنا بجواز التعدّي عن المرجّحات المنصوصة إلى غيرها ، فإنّ تساوي الخبرين المتعارضين من جميع الجهات حينئذ نادر جدّا. وأمّا على القول بالاقتصار على المرجّحات المنصوصة والقول بانحصارها في موافقة الكتاب والسنّة ومخالفة العامّة ـ كما هو الحقّ ـ فلا يلزم المحذور المذكور ، فإنّ موارد تساوي الخبرين المتعارضين من حيث موافقة الكتاب وعدمها أو من حيث مخالفة العامّة كثيرة جدّا. مصباح الاصول ٣ : ٤١٠ ـ ٤١١.

وأورد عليه السيّد الإمام الخمينيّ أيضا بأنّ حمل إطلاقات أخبار التخيير على الفرد النادر إنّما يتمّ بعد اعتبار المرفوعة وكون المقبولة من أخبار العلاج وعدم انحصار المرجّح بموافقة الكتاب ومخالفة العامّة. والتحقيق عدم اعتبارها ، وعدم كونها من أخبار العلاج ، وانحصار المرجّح بهما ، بل أنّ ما دلّ على التخيير هو رواية ابن الجهم. الرسائل ٢ : ٧٢.

(٥) أي : أخبار الترجيح ، فإنّها غير متّفقة على الترجيح بمزيّة معيّنة ، فيدلّ بعضها ـ كخبر العيون ـ

۴۴۳۱