__________________
ـ في بقاءها في مرتبة الإنشاء.
ولكن لا يخفى : أنّ كلا الوجهين مخدوش :
أمّا الأوّل : فلأنّه غير مناسب لذيل الحديث ـ أي قوله : «فهو موضوع عنهم» ـ ، فإنّ الوضع والرفع إنّما يناسب ما يكون قابلا لهما ، وتلك الامور الخارجيّة ليست كذلك. مضافا إلى أنّ عدم وصول بعض الأحكام لبعض الأسباب لا ينافي إكمال الدين وإتمام النعمة ، فإنّ الشارع بيّن وظيفة المكلّف في ظرف عدم وصول الأحكام بإيجاب الاحتياط أو جريان البراءة.
وأمّا الثاني : ـ وهو الّذي استظهره الشيخ الأنصاريّ وتبعه بعض المتأخّرين ـ فأجاب عنه السيّدان العلمان بدعوى إمكان تصحيح إسناد الحجب إليه تعالى ولو كان المراد من الحجب هو الاحتمال الثاني.
أمّا السيّد الإمام الخمينيّ : فأفاد ما حاصله : أنّ السبب لخفاء الأحكام الّتي بيّنها الله تعالى بلسان رسولهصلىاللهعليهوآله وأوصيائه هو الجهات الخارجيّة والأسباب الطبيعيّة ، كوقوع المهالك العامّة ـ نظير الزلزلة والحريق والغرق ـ. وهذه الامور ممّا تنسب إلى الله تعالى ، كما ينسب إليه أنّه المحيي والمميت والضارّ والنافع. فقوله : «كلّ ما حجب الله علمه عن العباد» أي : كلّ حكم يكون المكلّف محجوبا عنه لا بتقصير منه ـ بل بواسطة امور خارجة عن قدرته ـ فهو موضوع عنه. أنوار الهداية ٢ : ٧٠ ـ ٧١.
وأمّا السيّد المحقّق الخوئيّ : فأفاد بما حاصله : أنّ الموجب لخفاء الأحكام الّتي بيّنها الشارع وإن كان هو الظالمين ، إلّا أنّه تعالى قادر على بيانها بأن يأمر المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) بالظهور وبيان الأحكام ، فحيث لم يأمره بالبيان ـ لحكمة لا يعلمها إلّا هو ـ صحّ إسناد الحجب إليه تعالى. وكذا الحال في الشبهات الموضوعيّة ، فإنّ الله تعالى قادر على إعطاء مقدّمات العلم الوجداني لعباده ، فمع عدم الإعطاء صحّ إسناد الحجب إليه تعالى. مصباح الاصول ٢ : ٢٧٢.
المقام الثاني : الوجوه الّتي توجب كون الحديث أخصّ من المدّعى. وهي ما يلي :
١ ـ أن يكون المراد بالموصول ـ بقرينة إسناد الحجب إليه تعالى ـ خصوص الحكم الشرعيّ ، حيث أنّ استناد الحجب إليه يختصّ بالأحكام الّتي كان رفع الجهل عنها من مقتضيات تكليفه تعالى. فحينئذ يدلّ على البراءة في خصوص الشبهات الحكميّة.
٢ ـ أن يكون المراد به خصوص الحكم الوجوبيّ ـ كما أفاده الشيخ الحرّ العامليّ ـ ، فيختصّ الحديث بالشبهة الوجوبيّة.
٣ ـ أن يكون المراد من العباد مجموع المكلّفين بما هو مجموع. فيختصّ الحديث بما ـ