نعم ، لو لم يجر هذا الاستصحاب بوجه (١) لكان الاستصحاب المسبّبيّ جاريا ، فإنّه لا محذور فيه حينئذ مع وجود أركانه وعموم خطابه.
و (٢) إن لم يكن المستصحب في أحدهما من الآثار للآخر فالأظهر جريانهما فيما لم يلزم منه محذور المخالفة القطعيّة للتكليف الفعليّ المعلوم إجمالا (٣) ،
__________________
ـ المغسول بماء محكوم بالطهارة شرعا باستصحاب طهارته لليقين بأنّ كلّ ثوب نجس يغسل بماء كذلك يصير طاهرا شرعا.
وبالجملة : من الواضح لمن له أدنى تأمّل أنّ اللازم في كلّ مقام كان للعامّ فرد مطلق وفرد كان فرديّته له معلّقة على عدم شمول حكمه لذاك الفرد المطلق ـ كما في المقام ـ أو كان هناك عامّان كان لأحدهما فرد مطلق وللآخر فرد كانت فرديّته معلّقة على عدم شمول حكم ذاك العامّ لفرده المطلق ـ كما هو الحال في الطرق في مورد الاستصحاب ـ هو الالتزام بشمول حكم العامّ لفرده المطلق ، حيث لا مخصّص له ، ومعه لا يكون فرد آخر يعمّه أو لا يعمّه. ولا مجال لأن يلتزم بعدم شمول حكم العامّ للفرد المطلق ليشمل حكمه لهذا الفرد ، فإنّه يستلزم التخصيص بلا وجه أو بوجه دائر ، كما لا يخفى على ذوي البصائر. منه [أعلى الله مقامه].
(١) كابتلائه بمعارض ، كما إذا كان هناك ماءان طاهران ، ثمّ تنجّس أحدهما إجمالا ، فإذا غسل الثوب المتنجّس بأحد الماءين كان استصحاب نجاسة الثوب ـ الّذي هو استصحاب مسبّبيّ ـ جاريا ، ولا يجري استصحاب طهارة الماء ـ الّذي هو استصحاب سببيّ ـ ، لكونه معارضا بالاستصحاب في الإناء المشتبه الآخر.
(٢) وفي النسخة الأصليّة سقط متن الكتاب من هنا إلى المقصد الثامن.
(٣) توضيح ذلك : أنّه إن لم يكن الشكّ في مورد أحد الاستصحابين مسبّبا عن الشكّ في مورد الآخر ، فهو على قسمين :
أحدهما : ما يلزم من جريان الاستصحاب في الطرفين محذور المخالفة العمليّة القطعيّة ، كما إذا علمنا بطهارة إناءين ، ثمّ علمنا بطروء النجاسة على أحدهما إجمالا ، فحينئذ يكون إجراء استصحاب الطهارة في الإناءين موجبا للمخالفة العمليّة القطعيّة. وهو الترخيص في المعصية ، وهو قبيح ، ففي مثل ذلك لا يجري الاستصحاب.
ثانيهما : ما لا يلزم من جريان الاستصحاب في الطرفين محذور المخالفة العمليّة القطعيّة ، وإن تلزم المخالفة الالتزاميّة ، كما إذا علمنا بنجاسة إناءين تفصيلا ، ثمّ علمنا بطهارة أحدهما إجمالا ، فحينئذ لا تلزم من إجراء استصحاب النجاسة في كليهما والاجتناب عنهما مخالفة عمليّة.