وقد انقدح تقريب الاستدلال به ممّا ذكرنا في حديث الرفع (١).

__________________

ـ وسائل الشيعة ١٨ : ١١٩ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٨.

ورواه في الكافي هكذا : «ما حجب الله عن العباد فهو موضوع منهم». الكافي ١ : ١٦٤.

وفي بعض الكتب : «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم ، حتّى يعرّفوه». تحف العقول: ٣٦٥ ، بحار الأنوار ٧٥ : ٢٤٨.

(١) لا يخفى : أنّ تقريب الاستدلال به يتوقّف على بيان المراد من مفردات الحديث. وهي ثلاثة :

١ ـ «ما» ، فإنّ المحتمل في المراد به في قوله : «ما حجب» وجوه :

الأوّل : أن يكون المراد به كلّ حكم أو موضوع ذي حكم ، لعموم الموصول. وهذا ظاهر كلام المصنّفرحمه‌الله. وذهب إليه السيّد المحقّق الخوئيّ في مصباح الاصول ٢ : ٢٧١.

الثاني : أن يكون المراد به ـ بقرينة إسناد الحجب إلى الله تعالى ـ خصوص الحكم الشرعيّ ، فإنّ استناد الحجب إليه يختصّ بالأحكام الّتي كان رفع الجهل عنها من مقتضيات تكليفه تعالى. وهذا ما احتمله المحقّق العراقيّ في نهاية الأفكار : ٢٢٦.

الثالث : أن يكون المراد بالموصول بعض الموضوعات الخارجيّة الّتي تقتضي المصلحة عدم علم العباد بها ، كوقت ظهور الإمام الثاني عشر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) وقيام الساعة والقيامة وليلة القدر وغيرها. والدليل عليه أنّه سبحانه لم يحجب شيئا من الأحكام الشرعيّة على العباد ، بل بيّنها جميعا ، كما هو مقتضى إكمال الدين وإتمام النعمة.

الرابع : أن يكون المراد خصوص الحكم الوجوبيّ ، فيختصّ الحديث بالشبهة الوجوبيّة ، بقرينة قوله : «موضوع عنهم» ، فإنّ الواجب هو الفعل الثابت القابل للرفع ، وأمّا الحرام فالمكلّف مزجور عنه ، لا أنّه ثابت عليه. وهذا ما ذهب إليه الشيخ الحرّ العامليّ في وسائل الشيعة ١٨ : ١١٩ ـ ١٢٠.

الخامس : أن يكون المراد بالموصول من كان محجوبا عن الحكم ، كما أنّ المراد من الموصول في قوله : «رفع ما لا يعلمون» كلّ من لا يعلم الحكم ، فإنّ الظاهر من قوله : «موضوع عنهم» أنّ الحكم المجهول المجعول بحسب الواقع موضوع عن الجاهل. وهذا ما اختاره السيّد الإمام الخمينيّ في أنوار الهداية ٢ : ٧٠ ـ ٧١ وتهذيب الاصول ٢ : ٢٣٧.

٢ ـ «حجب الله علمه» ، إنّ الحجب في اللغة هو الستر أو المنع. والمراد منه في الحديث أحد الوجهين:

الأوّل : أن يكون المراد أنّ الله لم يبيّن الحكم أو الموضوع للعباد ، ولم يأمر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أو الأئمّة عليه‌السلام بتبليغه إليهم ، لبعض المصالح. وهذا ما استظهره الشيخ الأنصاريّ بقرينة إسناد الحجب إلى الله تعالى. فرائد الاصول ٢ : ٤١. ـ

۴۴۳۱