ثمّ لا يذهب عليك : أنّ المرفوع في «ما اضطرّ إليه» وغيره ممّا اخذ بعنوانه الثانويّ إنّما هو الآثار المترتّبة عليه بعنوانه الأوّليّ ، ضرورة أنّ الظاهر أنّ هذه العناوين صارت موجبة للرفع ، والموضوع للأثر مستدع لوضعه ، فكيف يكون موجبا لرفعه؟! (١).
__________________
ـ «لا ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : وضع عن امّتي ما اكرهوا عليه وما لم يطيقوا وما أخطئوا». المحاسن ٢ : ٣٣٩ ؛ وسائل الشيعة ١٦ : ١٦٤ ، الباب ١٢ من أبواب الأيمان ، الحديث ١٢.
ولا يخفي : أنّ ما أورد المصنّف رحمهالله على الشيخ ـ من ظهور استشهاد الإمام عليهالسلام في رفع جميع الآثار أو الأثر الظاهر ـ قد استدركه الشيخ الأعظم نفسه أيضا ، فقال : «نعم يظهر من بعض الأخبار الصحيحة عدم اختصاص الموضوع عن الامّة بخصوص المؤاخذة ...» ، ولكن رجع عنه بقوله : «لكن النبويّ المحكيّ في كلام الإمام عليهالسلام مختصّ بثلاثة من التسعة ، فلعلّ نفي جميع الآثار مختصّ بها ، فتأمّل». فرائد الاصول ٢ : ٢٩.
ولا يخفي أيضا : أنّ ما أفاده المصنّف رحمهالله في المقام ـ من دعوى عدم الوجه لتقدير خصوص المؤاخذة ـ ينافي ما أفاده في حاشية الرسائل ـ من دعوى إمكان تصحيح تقدير خصوص المؤاخذة ـ ، حيث أورد على ذلك الاستظهار بقوله : «ما يظهر من الخبر لا ينافي تقدير خصوص المؤاخذة مع تعميمها إلى ما كانت مترتّبة عليها بالواسطة ، كما في الطلاق والصدقة والعتاق ، فإنّها مستتبعة إيّاها بواسطة ما يلزمها من حرمة الوطي في المطلّقة ومطلق التصرّف في الصدقة والعتاق». حاشية الرسائل : ١١٦ ـ ١١٧.
(١) توضيحه : أنّ الحكم الثابت للموضوع تارة يكون ثابتا له بوصف العمد أو الذكر أو الاختيار ، كوجوب الكفّارة المترتّب على الإفطار العمديّ ؛ واخرى يكون ثابتا له بوصف الخطأ أو النسيان أو الاضطرار أو الإكراه ، كوجوب الكفّارة الثابت للقتل خطأ ، ووجوب سجدتي السهو الثابت لترك بعض أجزاء الصلاة نسيانا ؛ وثالثة يكون ثابتا له بما هو وبعنوانه الأوّلي ، لا بوصف العمد أو الذكر أو الاختيار ، ولا بوصف النسيان أو الخطأ أو الاضطرار أو الإكراه ، كحرمة شرب الخمر ووجوب الصوم وغيرهما من الأحكام الثابتة للموضوعات بعناوينها الأوّليّة.
وذهب المصنّف رحمهالله ـ تبعا للشيخ الأعظم الأنصاريّ في فرائد الاصول ٢ : ٣٢ ـ إلى أنّ المرفوع بحديث الرفع إنّما هو الأحكام الثابتة للموضوعات بعناوينها الأوّليّة قطع النظر عن طروء صفة الاضطرار أو الخطأ أو النسيان أو الإكراه ، فهذه الأوصاف رافعة للأحكام الثابتة لها بعناوينها الأوّليّة ، لا ما كان ثابتا لها بعد طروء العناوين الثانويّة.
أمّا الأحكام الثابتة لها بوصف العمد أو الذكر أو الاختيار : فلأنّها ترتفع قهرا بانتفاء موضوعها ، من دون حاجة إلى حديث الرفع ، ضرورة أنّه إذا كان موضوع الحكم مقيّدا ـ