وإن كان من الجهة الاخرى (١) ، فلا مجال إلّا لاستصحاب الحكم في خصوص ما لم يؤخذ الزمان فيه إلّا ظرفا لثبوته ، لا قيدا مقوّما لموضوعه ، وإلّا فلا مجال إلّا لاستصحاب عدمه فيما بعد ذاك الزمان ، فإنّه غير ما علم ثبوته له ، فيكون الشكّ في ثبوته له أيضا شكّا في أصل ثبوته بعد القطع بعدمه لا في بقائه (٢).

__________________

ـ أحدهما : أنّ الزمان لم يؤخذ في المتعلّق قيدا للفعل ، بل اخذ فيه بنحو المعيّة في الوجود ، وحينئذ فيمكن إثبات أحد الجزءين المتقارنين ـ وهو الزمان الخاصّ ـ بالاستصحاب ، وإثبات الجزء الآخر ـ وهو الفعل ـ بالوجدان.

ثانيهما : لو سلّم أنّ الزمان اخذ في المتعلّق قيدا للفعل فيمكن تصحيح الاستصحاب باستصحاب نهاريّة الموجود ، فإنّ وصف النهاريّة من الأوصاف التدريجيّة ، كذات الموصوف ، فيكون حادثا بحدوث الآنات وباقيا ببقائها ، فإذا اتّصف بعض هذه الآنات بالنهاريّة وشكّ في اتّصاف الزمان الحاضر بها يجري استصحاب بقاء النهاريّة الثابتة للزمان السابق ، لفرض وحدة الموصوف عرفا ، فيترتّب عليه الامتثال والخروج عن العهدة. نهاية الأفكار ٤ : ١٤٩ ـ ١٥٠.

وتبعه السيّدان العلمان ـ الإمام الخمينيّ والمحقّق الخوئيّ ـ ، فدفعه الإمام الخمينيّ بالوجه الثاني والسيّد الخوئيّ بالوجه الأوّل. راجع الرسائل ١ : ١٥٣ ـ ١٥٤ ، موسوعة الإمام الخوئيّ (مصباح الاصول) ٤٨ : ١٤٩ ـ ١٥٠.

الوجه الرابع : ما أفاده المحقّق الأكبر الشيخ الأصفهانيّ. وحاصله : أنّه إذا كان متعلّق الحكم هو الإمساك في النهار لا الإمساك النهاريّ كان جريان الاستصحاب في النهار مجديا ، ولو لم يحرز أنّ هذا الآن نهار ، لأنّ ثبوت القيد تعبّديّ ، والتقيّد وجدانيّ ، فيثبت أنّ هذا إمساك وجدانيّ في النهار التعبّديّ. نهاية الدراية ٣ : ١٨٦.

(١) أي : كان الشكّ من غير جهة الشكّ في بقاء القيد. مرّ توضيحه في التعليقة (٨) من الصفحة : ٢٢٦.

(٢) والحاصل : أنّ الزمان إذا اخذ ظرفا لثبوت الحكم كان الاستصحاب جاريا ، وإن كان قيدا مقوّما لمتعلّقه فلا يجري الاستصحاب ، بل يجري استصحاب عدم الحكم. وهذا ما أفاده الشيخ الأعظم الأنصاريّ ووافقه المصنّف قدس‌سره في المقام ، فراجع فرائد الاصول ٣ : ٢١٠ ـ ٢١١.

والمحقّق النائينيّ ـ بعد ما تعرّض لما أفاد الشيخ وناقش فيه ـ ذهب إلى عدم جريان كلا الاستصحابين ، استصحاب وجود الحكم واستصحاب عدمه ، فلا بدّ من الرجوع إلى البراءة أو الاشتغال. راجع فوائد الاصول ٣ : ٤٤١ ـ ٤٤٨.

ولكن المحقّق العراقيّ والسيّد الخوئي أوردا على ما أفاده بما لا يهمّ التعرّض له ، فراجع هامش فوائد الاصول ٤ : ٤٤٨ ، موسوعة الإمام الخوئيّ (مصباح الاصول) ٤٨ : ١٥٩ ـ ١٦٠.

۴۴۳۱