كالنهار الّذي قيّد به الصوم ـ مثلا ـ ، فيترتّب عليه وجوب الإمساك وعدم جواز الإفطار ما لم يقطع بزواله ، كما لا بأس باستصحاب نفس المقيّد ، فيقال : إنّ الإمساك كان قبل هذا الآن في النهار ، والآن كما كان ، فيجب ، فتأمّل (١).

__________________

(١) لا يخفى : أنّه قد يستشكل في استصحاب الفعل المقيّد بالزمان إذا كان الشكّ في حكمه من جهة الشكّ في بقاء زمانه ، كما إذا شكّ في وجوب الإمساك المقيّد بوقوعه في النهار من جهة الشكّ في بقاء النهار. ومنشأ الإشكال أنّ استصحاب النهار لا يتكفّل أكثر من إثبات وجود النهار ، ولا يثبت به وقوع الإمساك في النهار إلّا على القول بالأصل المثبت ، لأنّ وقوع الإمساك في النهار لازم عقليّ لبقاء النهار.

وقد تصدّى الأعلام لدفع الإشكال بوجوه :

الوجه الأوّل : ما أفاده الشيخ الأعظم الأنصاريّ من جريان الاستصحاب في الحكم ، بأن نقول : إنّ وجوب الإمساك الواقع في النهار كان ثابتا قبل هذا ، فالآن كما كان ، فيثبت به كون الإمساك في النهار ، فيجب الإمساك. فرائد الاصول ٣ : ٢٠٥.

وأورد عليه المحقّق النائينيّ في دورة من دورات بحثه ـ فوائد الاصول ٤ : ٤٣٨ ـ بأنّ استصحاب الحكم لا يجدي في إحراز كون الإمساك في النهار.

ولكن في دورة اخرى منها ـ أجود التقريرات ٣ : ٤٠١ ـ وجّه ما أفاد الشيخ الأعظم بما حاصله : أنّ استصحاب الزمان لا يتكفّل إثبات وقوع الإمساك في النهار إلّا على الأصل المثبت ، فإنّ وقوع الإمساك في النهار من آثار بقاء الزمان عقلا ، لا شرعا. بخلاف استصحاب الحكم ـ أي وجوب الإمساك الواقع في النهار ـ ، فإنّ معنى استصحاب الحكم هو التعبّد ببقاء الوجوب فعلا ، وهو يرجع إلى التعبّد به بجميع خصوصيّاته الّتي كان عليها ، والمفروض أنّ الوجوب السابق كان متعلّقا بما إذا أتى به كان واقعا في النهار ، فيستصحب ذلك الوجوب على النحو الّذي كان سابقا ، وبه يثبت وجوب الإمساك الواقع في النهار.

الوجه الثاني : ما أفاده المصنّف قدس‌سره في المقام من استصحاب نفس فعل المكلّف المقيّد بالزمان ، بأن يقال ـ بعد الشكّ في بقاء النهار ـ : إنّ الإمساك قبل هذا الشكّ كان واقعا في النهار ، والآن كما كان ، فيجب.

ولا يخفى : أنّ هذا الوجه وإن كان جاريا في مثل الإمساك ، إلّا أنّه غير جار في بعض موارد آخر ، كالشكّ في وجوب صلاة الظهرين من جهة الشكّ في بقاء النهار ، ضرورة أنّ الصلاة لم تكن موجودة قبل الشكّ كي يقال : «إنّها قبل الشكّ كانت واقعة في النهار ، والآن كما كانت». ولعلّه قال المصنّف قدس‌سره «فتأمّل».

الوجه الثالث : ما أفاده المحقّق العراقيّ ، وهو يرجع إلى وجهين : ـ

۴۴۳۱