وأمّا إذا كان الشكّ في بقائه من جهة الشكّ في قيام خاصّ آخر في مقام ذاك الخاصّ الّذي كان في ضمنه بعد القطع بارتفاعه (١) ، ففي استصحابه إشكال ، أظهره عدم جريانه ، فإنّ وجود الطبيعيّ وإن كان بوجود فرده إلّا أنّ وجوده في ضمن المتعدّد من أفراده ليس من نحو وجود واحد له ، بل متعدّد حسب تعدّدها ، فلو قطع بارتفاعه ما علم وجوده منها لقطع بارتفاع وجوده ، وإن شكّ في وجود فرد آخر مقارن لوجود ذاك الفرد أو لارتفاعه بنفسه أو بملاكه ، كما إذا شكّ في الاستحباب بعد القطع بارتفاع الإيجاب بملاك مقارن أو حادث.
__________________
ـ يكون أصالة عدم حدوث الفرد الطويل ـ وهو الأصل السببيّ ـ بلا معارض ، فيكون حاكما على استصحاب الكلّيّ ، لعدم جريان الأصل في الفرد الصغير ، حيث لا يترتّب أثر عليه. موسوعة الإمام الخوئيّ (مصباح الاصول) ٤٨ : ١٢٧ ـ ١٢٨.
(١) وبتعبير أوضح : وأمّا إذا كان الشكّ في بقاء الكلّي مستندا إلى أنّه علم بوجود الكلّيّ في ضمن فرد معيّن ، ثمّ علم بزوال ذلك الفرد وشكّ في وجود فرد آخر غير الفرد المعلوم حدوثه وزواله ، فهو على نحوين :
أحدهما : أن يحتمل حدوث الفرد الآخر في ظرف وجود الفرد الأوّل ، كما إذا علم بوجود الإنسان في الدار للعلم بوجود زيد فيها ، ثمّ علم بخروج زيد من الدار واحتمل دخول عمرو فيها قبل خروج زيد منها.
ثانيهما : أن يحتمل حدوث الفرد الآخر مقارنا لارتفاع الفرد الأوّل.
ذهب الشيخ الأعظم الأنصاريّ إلى التفصيل بين النحوين ، فقال بجريان الاستصحاب في الأوّل دون الثاني. فرائد الاصول ٣ : ١٩٥ ـ ١٩٦.
واختار المصنّف قدسسره عدم جريانه في القسم الثالث مطلقا. وتبعه الأعلام الثلاثة ، واستثنوا ما إذا كان الفرد المشكوك حدوثه من مراتب الفرد المعلوم الزوال ، كما إذا علم بثبوت كلّيّ السواد في ثوب ، لاتّصافه بمرتبة شديدة منه ، ثمّ علم بزوال تلك المرتبة الشديدة وشكّ في تبدّلها إلى مرتبة ضعيفة منه أو زوالها بالمرّة وحدوث لون آخر. راجع نهاية الدراية ٣ : ١٧٧ ـ ١٧٨ ، فوائد الاصول ٤ : ٤٢٤ ، نهاية الأفكار ٤ : ١٣٤.
وتبعهم السيّدان العلمان ـ الإمام الخمينيّ والمحقّق الخوئيّ ـ ، وخالفهم في استثناء المورد المذكور ، فأفادا أنّ هذا المورد ليس من موارد استصحاب القسم الثالث ، بل يكون من موارد استصحاب القسم الأوّل ، فاستثناؤه من الاستثناء المنقطع. الرسائل ١ : ١٣٢ ـ ١٣٣ ، مصباح الاصول ٣ : ١١٤ ـ ١١٦.