فافهم (١).
ثمّ لا يخفى عدم الحاجة إلى تقدير «المؤاخذة» ولا غيرها من الآثار الشرعيّة في «ما لا يعلمون» (٢) ، فإنّ ما لا يعلم من التكليف مطلقا ـ كان في الشبهة الحكميّة
__________________
ـ من آثار التكليف الواقعيّ في ظرف الجهل به ، وكان له تعالى وضع التكليف الواقعيّ المجهول على العباد بوضع ما يقتضيه من إيجاب الاحتياط ، فرفع التكليف الواقعيّ المجهول برفع مقتضاه ـ أي رفع إيجاب الاحتياط ـ ، وهذا منّة منه على العباد.
(١) لعلّه إشارة إلى ما أفاده المحقّق الاصفهانيّ. وحاصله : أنّ إيجاب الاحتياط ليس من مقتضيات التكليف الواقعيّ وآثاره ، لا بمعنى المسبّب بالإضافة إلى سببه ، لأنّ السبب الفاعليّ لكلّ حكم هو الحاكم ، ولا بمعنى ذي الغاية بالإضافة إلى الغاية الداعية إليه ، لأنّ التكليف الواقعيّ المجهول ليس من الفوائد المترتّبة على إيجاب الاحتياط كي يكون اقتضائه له بهذا النحو من الاقتضاء ، ولا بمعنى مطلق الأثر المترتّب الشامل للحكم بالإضافة إلى موضوعه ، لأنّ إيجاب الاحتياط ليس حكما متعلّقا بالتكليف الواقعيّ المجهول. بل المعقول أنّ الغرض الباعث على التكليف كما يدعو إلى جعل التكليف كذلك يدعو إلى إيصاله بإيجاب الاحتياط الواصل المبلّغ له إلى مرتبة الفعليّة والتنجّز ، فكلا الإيجابين من مقتضيات الموضوع ، لأنّ أحدهما من مقتضيات الآخر. نهاية الدراية ٢ : ٤٣٤ ـ ٤٣٥.
ويمكن أن يقال : إنّ إيجاب الاحتياط ليس من مقتضيات التكليف الواقعيّ المجهول ، بل هو الحكم الثابت للمكلّف حال عدم الظفر بدليل عليه ، كما أنّ الحكم الظّنيّ هو وظيفته بعد الظفر بالدليل الظّنيّ عليه. فليس أحدهما من آثار الآخر ، بل كلاهما من مقتضيات الجهل بالحكم الواقعيّ.
(٢) هذا تعريض بالشيخ الأعظم الأنصاريّ. وتوضيحه يبتني على بيان ما أفاده الشيخ أوّلا ، وتوضيح تعريض المصنّف رحمهالله به ثانيا.
أمّا ما أفاده الشيخ : فحاصله : أنّ الظاهر من الموصول في : «ما لا يعلمون» ـ بقرينة وحدة السياق ـ هو الموضوع والفعل الصادر من المكلّف في الخارج ، فإنّ المراد من الموصول في سائر الفقرات هو الفعل الّذي لا يطيقون أو يكرهون عليه أو يضطرّون إليه ، ضرورة أنّه لا معنى لتعلّق الإكراه والاضطرار بالحكم ، فيكون المراد من الموصول في «ما لا يعلمون» هو الفعل الصادر منه الّذي لا يعلم عنوانه ، كما إذا شرب مائعا ولا يعلم أنّه شرب خمرا أو شرب ماء. وإذا اسند الرفع ـ بقرينة وحدة السياق ـ إلى الفعل الخارجيّ الصادر من المكلّف فلا محيص عن التقدير ، لعدم صحّة إسناد الرفع التشريعيّ إلى الفعل الخارجيّ التكوينيّ ، فإنّ الرفع إنّما يتعلّق بما كان رفعه ووضعه بيد الشارع ، والفعل الخارجيّ التكوينيّ ليس كذلك. ـ