إن قلت : كيف هذا (١) مع الملازمة بين الحكمين؟!

قلت : ذلك لأنّ الملازمة إنّما تكون في مقام الإثبات والاستكشاف ، لا في مقام الثبوت ، فعدم استقلال العقل إلّا في حال (٢) غير ملازم لعدم حكم الشرع في تلك الحال(٣) ، وذلك لاحتمال أن يكون ما هو ملاك حكم الشرع ـ من المصلحة أو

__________________

ـ البقاء ، ولا يتطرّق إليه الشكّ في البقاء كي يجري الاستصحاب. فرائد الاصول ٣ : ٣٧ ـ ٤٠.

وأمّا كلام المصنّف قدس‌سره : فدفع كلام الشيخ بما حاصله : أنّ الحكم الشرعيّ المستكشف من حكم العقل انّما يدور أمره مدار مناط الحكم واقعا ، وليس كلّ خصوصيّة أخذها العقل في موضوع حكمه دخيلا في مناط حكمه واقعا ، كيف! وقد لا يدرك العقل دخل الخصوصيّة في المناط واقعا ، بل أخذها في الموضوعات من باب أنّ الواجد لها هو القدر المتيقّن في قيام مناط الحسن أو القبح به ، مع أنّه يحتمل أن لا يكون لها دخل في مناط الحكم واقعا. وعليه فزوال حكم العقل بزوال بعض الخصوصيّات ـ الّتي أخذها العقل في الموضوعات وكانت مقوّمة للحكم ـ لا يستلزم زوال الحكم الشرعيّ المستكشف به ، لأنّ الحكم الشرعيّ إنّما يدور مدار مناط الحكم واقعا ، ويحتمل أن لا تكون تلك الخصوصيّة الزائلة دخيلا فيما يقوم به الملاك واقعا ، فيحتمل بقاء الحكم الشرعيّ مع زوال تلك الخصوصيّة ، وإن ينتفي حكم العقل بانتفائها قطعا.

وبالجملة : فيمكن الشكّ في بقاء الحكم المستكشف من حكم العقل ـ بالملازمة ـ ، ويصحّ استصحابه عند الشكّ في بقائه ، لأجل انتفاء بعض خصوصيّات الموضوع الّتي لا يرى بنظر العرف مقوّما للموضوع ، لاحتمال عدم دخله في الموضوع واقعا.

(١) أي : كيف يمكن التفكيك بين حكمي العقل والشرع بجعل الأوّل مقطوع الانتفاء عند زوال بعض الخصوصيّات والثاني مشكوك البقاء ومحكوما بالإبقاء تعبّدا ، مع أنّ المفروض أنّ بين الحكمين ملازمة ، فإنّ كلّما حكم به العقل حكم به الشرع؟!

(٢) أي : عدم استقلال العقل بالحكم إلّا في حال ثبوت خصوصيّة.

(٣) هكذا في النسخ. ولكن الصحيح أن يقول : «فعدم استقلال العقل في حال ـ وهو حال عدم اجتماع الخصوصيّات الدخيلة في حكمه ـ غير ملازم لعدم حكم الشرع في تلك الحال». أو يقول : «فعدم استقلال العقل إلّا في حال ـ وهو حال اجتماع الخصوصيّات الدخيلة في الحكم ـ غير ملازم لعدم حكم الشرع في غير تلك الحال ـ أي حال عدم اجتماعها ـ» ، أو يقول : «فعدم استقلال العقل إلّا في حال ـ وهو حال اجتماع الخصوصيّات ـ غير ملازم لعدم حكم الشرع إلّا في تلك الحال».

۴۴۳۱