أمّا الأوّل (١) : فواضح (٢).
وأمّا الثاني (٣) : فلأنّ الحكم الشرعيّ المستكشف به (٤) عند طروء انتفاء ما احتمل دخله في موضوعه ـ ممّا لا يرى مقوّما له (٥) ـ كان (٦) مشكوك البقاء عرفا ، لاحتمال عدم دخله فيه واقعا ، وإن كان لا حكم للعقل بدونه (٧) قطعا (٨).
__________________
(١) وهو الحكم المستند إلى النقل.
(٢) لأنّ تميّز الموضوع وتشخيص وحدته في القضيّتين المتيقّنة والمشكوكة في هذه الأحكام بيد العرف المخاطب بها.
(٣) وهو الأحكام المستكشفة من حكم العقل بقاعدة الملازمة.
(٤) أي : بالعقل.
(٥) أي : ممّا لا يراه العرف مقوّما للموضوع.
(٦) خبر قوله : «فلأنّ الحكم الشرعيّ المستكشف به».
(٧) أي : بدون ما احتمل دخله في الموضوع.
(٨) غرض المصنّف رحمهالله دفع ما أفاد الشيخ الأعظم الأنصاريّ في إثبات عدم جريان الاستصحاب فيما إذا كان الحكم مستندا إلى العقل. وتوضيح الدفع موقوف على بيان ما أفاد الشيخ في وجه عدم جريانه فيه ، ثمّ إيضاح ما أفاد المصنّف قدسسره في دفعه :
أمّا كلام الشيخ : فحاصل ما أفاده أنّ الأحكام العقليّة مبيّنة مفصّلة محدّدة الموضوع لدى العقل ، ولا يكاد طروء الشكّ في بقاء موضوع حكمه ، لأنّ العقل لا يحكم بقبح شيء أو حسنه إلّا بعد الالتفات التامّ إلى ذلك الشيء الموضوع والإحاطة بجميع ما له دخل في حسنه أو قبحه من القيود والخصوصيّات ، فلا بدّ وأن يكون لكلّ خصوصيّة أخذها العقل في موضوع حكمه دخل في الموضوع الّذي هو مناط حكمه ، فإذا انتفى بعض الخصوصيّات يقطع بارتفاع الموضوع والمناط ، فيقطع بارتفاع الحكم ؛ كما أنّه إذا بقى الموضوع على ما هو عليه يقطع ببقاء الموضوع والمناط ويعلم بقاء الحكم. فالحكم العقليّ إمّا أن يكون مقطوع الارتفاع ، وإمّا أن يكون مقطوع البقاء ، فلا يتطرّق إليه الشكّ كي يجري فيه الاستصحاب. وكذا الحكم الشرعيّ المستكشف من حكم العقل بقاعدة الملازمة ، فإنّ الموضوع والمناط في الحكم الشرعيّ ليس إلّا الموضوع والمناط في الحكم العقليّ ، فإنّ هذا الحكم الشرعيّ إنّما يستفاد من الحكم العقليّ ، ولا يمكن أن تكون دائرة ما هو مناط الحكم الشرعيّ بأوسع من دائرة ما هو مناط الحكم العقليّ ، فإذا علمنا بانتفاء بعض خصوصيّات الموضوع والمناط علمنا بارتفاع الحكم الشرعيّ ، كما علمنا بارتفاع الحكم العقليّ ، وإذا علمنا ببقاء الموضوع على ما هو عليه علمنا ببقاء الحكم الشرعيّ كما علمنا ببقاء الحكم العقليّ. فالحكم الشرعيّ المستكشف من الحكم العقليّ أيضا إمّا أن يكون مقطوع الارتفاع وإمّا أن يكون مقطوع ـ