مفصّلا (١).

__________________

ـ بقائه. ويستدلّ على الحكم بالبقاء بامور أربعة :

الأوّل : استقرار بناء العقلاء على العمل على طبق الحالة السابقة في أحكامهم العرفيّة ، غاية الأمر أنّ بعض العقلاء بنوا على ذلك مطلقا ، سواء كان الحكم كلّيّا أم جزئيّا ، أو كان وضعيّا أم تكليفيّا ، أو كان الشكّ في المقتضي أو في الرافع وهكذا ؛ وبعض آخر منهم بنوا على ذلك بعد اختيار بعض التفاصيل ؛ كما أنّ بعضهم بنوا على ذلك تعبّدا ولو لم يحصل الظنّ الشخصيّ أو النوعيّ ببقاء الحكم السابق ، فيكون أصلا ؛ وبعض آخر منهم بنوا على ذلك للظنّ ببقاء الحكم الناشئ من لحاظ ثبوته سابقا ، فيكون أمارة. وهذا ما أشار إليه المصنّف قدس‌سره بقوله :«إمّا من جهة بناء العقلاء».

وممّا ذكرنا يظهر معنى قوله : «مطلقا» وقوله : «في الجملة». ويظهر أيضا أنّ قوله : «تعبّدا أو للظنّ به» قيد لبناء العقلاء.

الثاني : دلالة الأحاديث المختلفة على الحكم بالبقاء وعدم نقض اليقين بالشكّ. وهذا ما أشار إليه المصنّف قدس‌سره بقوله : «وإمّا من جهة دلالة النصّ».

الثالث : دعوى الإجماع على الحكم بالبقاء مطلقا أو في الجملة. وأشار إليه المصنّف قدس‌سره بقوله : «ودعوى الإجماع عليه كذلك».

وغرض المصنّف قدس‌سره أنّ ما ذكرنا من التعريف يلتئم مع ما ذكر من الامور الثلاثة لإثبات اعتبار الاستصحاب.

(١) هكذا في النسخ. والأولى أن يقول : «حسبما يأتي بيان كلّ من الأدلّة تفصيلا» ، ضرورة أنّ الإشارة لا تلائم التفصيل.

ولا يخفى : أنّ الأعلام الثلاثة لم يرتضوا بما ذكره الشيخ الأعظم والمصنّف قدس‌سره في تعريف الاستصحاب ، بل ناقشوا فيما أفادا وذكروا تعاريف أخر :

فقال المحقّق النائينيّ : «فالأولى في تعريفه أن يقال : إنّ الاستصحاب عبارة عن عدم انتقاض اليقين السابق المتعلّق بالحكم أو الموضوع من حيث الأثر والجري العمليّ بالشكّ في بقاء متعلّق اليقين. وهذا المعنى ينطبق على ما هو مفاد الأخبار ، وليس حقيقة الاستصحاب إلّا ذلك». فوائد الاصول ٤ : ٣٠٧.

وقال المحقّق الأصفهانيّ : «والتحقيق أنّ الاستصحاب ـ كما يناسب المشتقّات منه ـ هو الإبقاء العمليّ». نهاية الدراية ٣ : ٩.

وذهب المحقّق العراقيّ إلى أنّ حقيقة الاستصحاب عند القوم برمّتهم التصديق ببقاء ما كان ظنّا أم يقينا تعبّدا. راجع نهاية الأفكار ٤ : ٢ ـ ٣ ، وهامش فوائد الاصول ٤ : ٣٠٧.

۴۴۳۱