السؤال عن تكرار الحجّ بعد أمره به (١). فقد روي أنّه خطب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال :
__________________
(١) حاصل الإشكال : أنّ المراد من «الشيء» بقرينة المورد هو الكلّيّ الّذي له أفراد طوليّة ، لا الكلّ المركّب من الأجزاء ، فإنّ المسئول عنه في الرواية هو وجوب تكرار الحجّ وعدمه بعد تعلّق الأمر به ، فتختصّ الرواية بالكلّي ذي الأفراد الطوليّة ، ويكون مفادها الكلّيّ بمقدار استطاعتكم. وعليه لا تشمل الرواية المركّب ذا الأجزاء الّذي هو محلّ البحث. فالاستدلال بها على المقام غير تامّ.
وقد تبعه كثير من الأعلام المتأخّرين وأوردوا على الاستدلال بالرواية بوجوه أخر. فينبغي أن نتعرّض لما أفادوه محصّلا.
أمّا المحقّق الاصفهانيّ : فذهب إلى أنّ كلمة «من» ليست بمعنى التبعيض بعنوانه حتّى لا يلائم الكلّي ، بل هي لمجرّد اقتطاع مدخولها عن متعلّقه ، وهذا الاقتطاع قد يوافق التبعيض أحيانا. وبما أنّ الفرد منشعب من الكلّي لانطباقه عليه ، صحّ اقتطاع ما يستطاع منه ، ولا يتعيّن مع ذلك إرادة المركّب ، بل المتيقّن بحسب مورد الرواية هو الكلّي ، فإنّه يلائم لفظ «الشيء» وكلمة «من» وكون كلمة «ما» بمعنى الموصول. نهاية الدراية ٢ : ٧٠٣.
وأمّا المحقّق النائينيّ : فذهب إلى اختصاص الرواية بالكلّيّ الّذي له أفراد طوليّة ، ولا تشمل الكلّ المركّب من الأجزاء ، وذلك بقرينة مورد الرواية.
ثمّ أفاد أنّ إرادة الأعمّ من الكلّ والكلّي من قوله صلىاللهعليهوآله : «أمرتكم بشيء ...» توجب استعمال لفظة «من» في الأكثر ، لعدم الجامع بين الأجزاء والأفراد ، ولحاظ الأجزاء يباين لحاظ الأفراد ، فلا يصحّ استعمال كلمة «من» في الأعمّ ، وإن صحّ استعمال كلمة «شيء» فيه. فوائد الاصول ٤ : ٢٤٥ ـ ٢٥٥.
وأمّا المحقّق العراقيّ : فهو ـ بعد ما أجاب عن إشكال المصنّف قدسسره على الاستدلال بالرواية بأنّ مورد الرواية وإن كان الكلّيّ ذا أفراد ، إلّا أنّ مجرّد ذلك لا يقتضي تخصيصها بذلك ، فإنّ العبرة في مقام استفادة الحكم انّما هي عموم اللفظ لا خصوصيّة المورد ، فمع عموم كلمة «الشيء» لا يقتضي مجرّد تطبيقه على مورد خاصّ تخصيص عمومه به.
ثمّ ـ بعد ما أجاب عن إشكال المحقّق النائينيّ على الاستدلال من لزوم استعمال اللفظ في الأكثر بأن لا مانع من إرادة الكلّي والكلّ من الشيء المأمور به ، حيث يمكن إرادة التبعيض من الكلّي بلحاظ حصصه الموجودة في ضمن أفراده ـ أورد على الاستدلال بالرواية بأنّ العموم المستفاد من كلمة «شيء» وشموله لكلّ من الكلّ والكلّيّ انّما هو من جهة الإطلاق ومقدّمات الحكمة ، وحيث أنّ من مقدّماتها انتفاء القدر المتيقّن في مقام التخاطب فلا مجال للأخذ بإطلاقه ، لوجود القدر المتيقّن في المقام ، وهو ما يقتضيه المورد ـ