عقلا ، بل كان الأمر فيهما (١) أظهر ، فإنّ الانحلال المتوهّم في الأقلّ والأكثر لا يكاد يتوهّم هاهنا ، بداهة أنّ الأجزاء التحليليّة لا تكاد تتّصف باللزوم من باب المقدّمة عقلا ، فالصلاة ـ مثلا ـ في ضمن الصلاة المشروطة أو الخاصّة موجودة بعين وجودها وفي ضمن صلاة اخرى فاقدة لشرطها أو خصوصيّتها تكون متباينة للمأمور بها ، كما لا يخفى.

نعم ، لا بأس بجريان البراءة النقليّة في خصوص دوران الأمر بين المشروط وغيره ، دون الدوران بين الخاصّ وغيره (٢) ، لدلالة مثل حديث الرفع على عدم شرطيّة ما شكّ في شرطيّته ؛ وليس كذلك خصوصيّة الخاصّ ، فإنّها إنّما تكون منتزعة عن نفس الخاصّ ، فيكون الدوران بينه و [بين] (٣) غيره من قبيل الدوران بين المتباينين (٤) ، فتأمّل

__________________

(١) أي : في دوران الأمر بين المشروط ومطلقه ودورانه بين الخاصّ والعامّ.

(٢) وفي بعض النسخ : «دون دوران الأمر بين الخاصّ وغيره».

(٣) ما بين المعقوفتين ليس في النسخ ، وانّما أثبتناه تصحيحا للمتن.

(٤) ويتحصّل ما أفاده المصنّف قدس‌سره ذيل امور :

الأوّل : أنّ للمصنّف قدس‌سره دعويين : (إحداهما) عدم جريان البراءة العقليّة في كلا الموردين. (ثانيتهما) جريان البراءة النقليّة في المورد الأوّل دون المورد الثاني.

الثاني : أنّ الوجه في عدم جريان البراءة العقليّة في الموردين عدم وجود القدر المتيقّن في البين لينحلّ العلم الإجماليّ وتجري أصالة البراءة. بخلاف موارد دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، حيث تجري فيها البراءة ، لانحلال العلم الإجماليّ بكون الأقلّ متيقّنا على كلّ تقدير. بيان ذلك : أنّ الأجزاء في موارد دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر أجزاء خارجيّة يمكن أن تتّصف بالوجوب على كلّ تقدير ، فتتّصف بالوجوب النفسيّ إذا لم يكن الجزء المشكوك واجبا ، فإنّ الأقلّ حينئذ مقدّمة للأكثر ؛ وحينئذ يمكن دعوى انحلال العلم الإجماليّ إلى علم تفصيليّ بوجوب الأقلّ وشكّ بدويّ في وجوب الأكثر. بخلاف الأجزاء في المقام ، فإنّها أجزاء تحليليّة لا ميز لها في الخارج ، ولا وجود لها مستقلّا ، فلا تتّصف بالوجوب النفسيّ ، كما أنّ بعضها ليس مقدّمة لبعض آخر كي تتّصف بالوجوب الغيريّ ، ضرورة أنّ ذاتي المطلق والعامّ ليستا مقدّمتين للمقيّد والخاصّ كي تكونا واجبتين على كلّ تقدير ، بل يعدّ واجد الجزء التحليليّ ـ كالصلاة متستّرا ـ وفاقده ـ أي : الصلاة عريانا ـ من المتباينين ، لا من الأقلّ والأكثر. ـ

۴۴۳۱