وثالثة يجب الاجتناب عنهما (١) فيما لو حصل العلم الإجماليّ بعد العلم بالملاقاة ، ضرورة أنّه حينئذ نعلم إجمالا إمّا بنجاسة الملاقي والملاقى أو بنجاسة الآخر كما لا يخفى ، فيتنجّز التكليف بالاجتناب عن النجس في البين وهو الواحد أو الاثنين (٢).

__________________

ـ وأمّا الملاقى : فلا يكون طرفا للعلم الإجماليّ المنجّز ، ولا تجري فيه أصالة الطهارة ، لأنّ المفروض أنّه خارج عن محلّ الابتلاء ، وإذا كان خارجا عن محلّ الابتلاء لا يترتّب على جريان الأصل فيه أثر فعليّ عمليّ ، ويعتبر في جريان الأصل ترتّب الأثر العمليّ عليه. وعليه فلا يكون الملاقى عدلا للملاقي والطرف الآخر كي يقال : «إنّ أصالة الطهارة تجري فيه أيضا ، وتقع المعارضة بين جريانها فيه وبين جريانها في الملاقي والطرف الآخر ، وإذا تعارضت الاصول الثلاثة يجب الاجتناب عن الملاقي والطرف الآخر والملاقى مقدّمة لحصول امتثال التكليف المعلوم بالإجمال». نعم ، إذا رجع الملاقى إلى محلّ الابتلاء فتجري أصالة الطهارة فيه بلا معارض ، لسقوط الأصل في الطرف الآخر قبل رجوعه إلى محلّ الابتلاء.

وبالجملة : فلا يجب الاجتناب عن الملاقى.

وأورد عليه السيّدان العلمان : الخمينيّ والخوئيّ تبعا للمحقّق العراقيّ بما حاصله : أنّ خروج الشيء عن محلّ الابتلاء لا يكون مانعا عن جريان الأصل فيه إذا كان له أثر فعليّ ، وما نحن فيه كذلك ، فإنّ الملاقى وإن كان خارجا من محلّ الابتلاء ، إلّا أنّه يترتّب على جريان أصالة الطهارة فيه الحكم بطهارة ملاقيه. وإذا جرت أصالة الطهارة فيه فيعارض جريانها في الطرف الآخر ـ أي ما في الإناء الأحمر في المثال السابق ـ ، وبعد سقوطهما يجب الاجتناب عن الملاقى والطرف الآخر ، وتصل النوبة إلى أصالة الطهارة الجارية في الملاقي (الإناء الأبيض) ، فتجري فيه لسقوط معارضها ـ وهو أصالة الطهارة الجارية في الطرف الآخر (الإناء الأحمر) ـ ، فلا يجب الاجتناب عن الملاقي. راجع نهاية الأفكار ٣ : ٣٦٣ ـ ٣٦٤ ، أنوار الهداية ٢ : ٢٥١ ، مصباح الاصول ٢ : ٤٢٣.

(١) أي : عن الملاقي والملاقى.

(٢) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «أو الاثنان».

ولا يخفى : أنّ المحقّق النائينيّ ـ تبعا للشيخ الأعظم الأنصاريّ ـ ذهب إلى عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي في هذه الصورة ـ بل في جميع الصور ـ ، بدعوى أنّ الأصل الجاري في الملاقي متأخّر رتبة عن الأصل الجاري في الملاقى ، إذ الشكّ في نجاسة الملاقي ناش عن الشكّ في نجاسة ما لاقاه ولا تصل النوبة إلى جريان الأصل في الملاقي الّا بعد سقوط الأصل فيما لاقاه ، وبعد سقوطه يجري الأصل في الملاقي بلا معارض. فرائد الاصول ٢ : ٢٤٠ ـ ٢٤٥ ، فوائد الاصول ٤ : ٨٢ ـ ٨٨ ، أجود التقريرات ٣ : ٤٤٦ و ٤٥٠ ـ ٤٥٣. ـ

۴۴۳۱