خلاف ظاهره لرجحانه بنظره ، أو حمل المجمل على محتمله بمجرّد مساعدته ذاك الاعتبار من دون السؤال عن الأوصياء. وفي بعض الأخبار : «إنّما هلك الناس في المتشابه ، لأنّهم لم يقفوا على معناه ولم يعرفوا حقيقته فوضعوا له تأويلا من عند أنفسهم بآرائهم واستغنوا بذلك عن مسألة الأوصياء فيعرّفونهم» (١) هذا.
مع أنّه لا محيص عن حمل هذه الروايات الناهية عن التفسير به على ذلك (٢) ولو سلّم شمولها لحمل اللفظ على ظاهره ، ضرورة أنّه قضيّة التوفيق بينها وبين ما دلّ على جواز التمسّك بالقرآن ، مثل خبر الثقلين (٣) ، وما دلّ على التمسّك به والعمل بما فيه (٤) ، وعرض الأخبار المتعارضة عليه (٥) ، وردّ الشروط المخالفة له (٦) ، وغير ذلك ممّا لا محيص عن إرادة الإرجاع إلى ظواهره ، لا خصوص نصوصه ، ضرورة أنّ الآيات الّتي يمكن أن تكون مرجعا في باب تعارض الروايات أو الشروط أو يمكن أن يتمسّك بها ويعمل بما فيها ، ليست إلّا ظاهرة في معانيها ، ليس فيها ما كان نصّا ، كما لا يخفى.
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٨ : ١٤٨ ، الباب ١٣ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦٢.
(٢) أي : لا محيص عن حمل الأخبار الناهية عن التفسير بالرأي على غير الظاهر.
(٣) وهو قوله صلىاللهعليهوآله : «إنّي تارك فيكم الثقلين ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا أبدا ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا على الحوض». وسائل الشيعة ١٨ : الباب ٥ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٩.
(٤) كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «انتفعوا ببيان الله ، واتّعظوا بمواعظ الله ، واقبلوا نصيحة الله ، فإنّ الله قد أعذر إليكم بالجليّة واتّخذ عليكم الحجّة». نهج البلاغة ، الخطبة (١٧٦).
(٥) كما روى عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليهالسلام : «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فردّوه». وسائل الشيعة ١٨ : ٧٤ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٩.
(٦) ومنها : صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال سمعته يقول : «من اشترط شرطا مخالفا لكتاب الله فلا يجوز له ولا يجوز على الّذي اشترط عليه ، والمسلمون عند شروطهم ممّا وافق كتاب الله عزوجل». وسائل الشيعة ١٢ : ٣٥٣ ، الباب ٦ من أبواب الخيار ، الحديث ١.