[تمهيد]
[في أقسام حالات المكلّف]
وقبل الخوض في ذلك لا بأس بصرف الكلام إلى بيان بعض ما للقطع من الأحكام ـ وإن كان خارجا من مسائل الفنّ وكان أشبه بمسائل الكلام (١) ـ ، لشدّة (٢) مناسبته مع المقام (٣).
فاعلم : أنّ البالغ الّذي وضع عليه القلم إذا التفت إلى حكم فعليّ واقعيّ أو ظاهريّ متعلّق به أو بمقلّديه (٤) ، فإمّا أن يحصل له القطع به أو لا. وعلى الثاني لا بدّ
__________________
(١) فللمصنّف رحمهالله دعويان :
الأولى : خروج مباحث القطع عن مسائل علم الاصول. وذلك لعدم انطباق تعريف علم الاصول عليه ، فإنّ الضابط في كون المسألة من المسائل الاصوليّة هو أنّ تقع كبرى لقياس تكون نتيجته استنباط الحكم الشرعيّ ، والعلم بالحكم الشرعيّ من نتائج المسألة الاصوليّة ، لا أنّه نفس المسألة الاصوليّة.
الثانية : أنّ مباحث القطع أشبه بمسائل علم الكلام. وذلك لأنّه يبحث في علم الكلام عن ذات الله تعالى وصفاته وأفعاله وأحوال الممكنات ، فيبحث فيه عن استحقاق العقاب والثواب. ويشبه مباحث القطع بمسائله من جهة أنّه يرجع البحث عنه إلى استحقاق العقاب على مخالفته واستحقاق الثواب على موافقته.
(٢) تعليل لقوله : «لا بأس بصرف الكلام».
(٣) أي : مناسبة بعض ما للقطع من الأحكام مع ما كنّا بصدده في المقام من بيان الأمارات المعتبرة.
ووجه المناسبة : أنّ القطع طريق إلى إحراز التكليف كما أنّ الأمارات أيضا طريق إليه.
(٤) الأولى أن يقول : «متعلّق به ومقلّديه أو بخصوص مقلّديه». الأوّل كأكثر الأحكام المشتركة ـ