والجواب عنه :
أمّا إجمالا : فبأنّه لا بدّ من التصرّف والتأويل فيما وقع في الشريعة ممّا ظاهره الاجتماع بعد قيام الدليل على الامتناع ، ضرورة أنّ الظهور لا يصادم البرهان. مع أنّ قضيّة ظهور تلك الموارد اجتماع الحكمين فيها بعنوان واحد ، ولا يقول الخصم بجوازه كذلك ، بل بالامتناع ما لم يكن بعنوانين وبوجهين. فهو أيضا لا بدّ له من التفصّي عن إشكال الاجتماع فيها ، لا سيّما إذا لم يكن هناك مندوحة ، كما في العبادات المكروهة الّتي لا بدل لها (١). فلا يبقى له مجال للاستدلال بوقوع الاجتماع فيها على جوازه أصلا ، كما لا يخفى.
وأمّا تفصيلا : فقد اجيب عنه بوجوه يوجب ذكرها بما فيها من النقض والإبرام طول الكلام بما لا يسعه المقام (٢).
فالأولى الاقتصار على ما هو التحقيق في حسم مادّة الإشكال ، فيقال ـ وعلى الله الاتّكال ـ :
إنّ العبادات المكروهة على ثلاثة أقسام :
أحدها : ما تعلّق به النهي بعنوانه وذاته ولا بدل له ، كصوم يوم العاشوراء والنوافل المبتدأة (٣) في بعض الأوقات (٤).
ثانيها : ما تعلّق به النهي كذلك (٥) ويكون له البدل ، كالنهي عن الصلاة في الحمّام.
ثالثها : ما تعلّق النهي به لا بذاته ، بل بما هو مجامع معه وجودا أو ملازم له
__________________
(١) كصوم يوم عاشوراء.
(٢) وعلى الطالب المحقّق أن يرجع مطارح الأنظار : ١٣٠ والفصول الغرويّة : ١٢٨.
(٣) وهي النوافل الّتي لم يرد فيها نصّ بالخصوص بناء على استحبابها.
(٤) كما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس ، وبين صلاة العصر وغروبها ، وعند طلوعها ، وحين غروبها.
(٥) أي : بذاته.