المظنون ، بل المحتمل بما هو كذلك ، ولو لم يستقلّ بالتحسين والتقبيح ، مثل الالتزام بفعل ما استقلّ بحسنه إذا قيل باستقلاله ، ولذا أطبق العقلاء عليه مع خلافهم في استقلاله بالتحسين والتقبيح (١) ، فتدبّر جيّدا.

والصواب في الجواب هو منع الصغرى (٢):

أمّا العقوبة : فلضرورة عدم الملازمة بين الظنّ بالتكليف والظنّ بالعقوبة على مخالفته ، لعدم الملازمة بينه والعقوبة على مخالفته ؛ وإنّما الملازمة بين خصوص معصيته واستحقاق العقوبة عليها ، لا بين مطلق المخالفة والعقوبة بنفسها. ومجرّد الظنّ به (٣) بدون دليل على اعتباره لا يتنجّز به ، كي يكون مخالفته عصيانه.

إلّا أن يقال : إنّ العقل وإن لم يستقلّ بتنجّزه بمجرّده (٤) بحيث يحكم باستحقاق العقوبة على مخالفته ، إلّا أنّه لا يستقلّ أيضا بعدم استحقاقها معه (٥) ، فيحتمل العقوبة حينئذ على المخالفة. ودعوى استقلاله بدفع الضرر المشكوك كالمظنون قريبة جدّا ، لا سيّما إذا كان هو العقوبة الاخرويّة ، كما لا يخفى.

وأمّا المفسدة : فلأنّها وإن كان الظنّ بالتكليف يوجب الظنّ بالوقوع فيها لو خالفه ، إلّا أنّها ليست بضرر على كلّ حال ، ضرورة أنّ كلّ ما يوجب قبح الفعل من المفاسد لا يلزم أن يكون من الضرر على فاعله ، بل ربما يوجب حزازة ومنقصة في الفعل بحيث يذمّ عليه فاعله بلا ضرر عليه أصلا ، كما لا يخفى.

وأمّا تفويت المصلحة : فلا شبهة في أنّه ليس فيه مضرّة ، بل ربما يكون في استيفائها المضرّة ، كما في الإحسان بالمال ، هذا. مع منع كون الأحكام تابعة

__________________

ـ ما يكون محتمل الضرر فضلا عن عمل يكون مظنّة للضرر.

(١) فالعدليّة ذهبوا إلى استقلال العقل في الحسن والقبح ، والأشاعرة ذهبوا إلى عدم استقلاله.

(٢) كما منعه استاذه المحقّق الشيخ الأعظم الأنصاريّ في فرائد الاصول ١ : ٣٧٣.

(٣) أي : بالتكليف.

(٤) أي : بتنجّز التكليف بمجرّد الظنّ به.

(٥) أي : مع الظنّ بالتكليف.

۴۱۹۱