فافهم واغتنم (١).
السابع : [عدم ابتناء النزاع على القول بتعلّق الأحكام بالطبائع]
انّه ربما يتوهّم :
تارة : أنّ النزاع في الجواز والامتناع يبتني على القول بتعلّق الأحكام بالطبائع. وأمّا الامتناع على القول بتعلّقها بالأفراد فلا يكاد يخفى ، ضرورة لزوم تعلّق الحكمين بواحد شخصيّ ـ ولو كان ذا وجهين ـ على هذا القول (٢).
__________________
ـ الثانية : النزاع في مرحلة الامتثال. بأن يقال : هل يجوز التكليف بالضدّين اللذين لم يقدر المكلّف على امتثاله أم لا يجوز؟ وبتعبير آخر : هل يجوز التكليف بالمحال ـ وهو امتثال الضدّين ـ أم لا؟
ومن المعلوم أنّ القدرة على الامتثال شرط في التكليف ، والمكلّف لا يقدر عليه في المقام إلّا مع وجود المندوحة ، فوجودها في مرحلة الامتثال شرط. ولكنّه خارج عن محلّ البحث في مسألتنا هذه.
(١) والمحقّق الاصفهانيّ ـ بعد ما أورد على المصنّف بإيرادين ـ ذكر وجها آخر لعدم لزوم التقييد بالمندوحة ، فقال : «لو كان تعدّد الوجه مجديا في تعدّد المعنون لكان مجديا في التقرّب به من حيث رجحانه في نفسه ، فإنّ عدم المندوحة يمنع عن الأمر لعدم القدرة على الامتثال ، ولا يمنع من الرجحان الذاتيّ الصالح للتقرّب به ، فكما أنّ تعدّد الجهة يكفي من حيث التضادّ كذلك يكفي من حيث ترتّب الثمرة ـ وهي صحّة الصلاة ـ ، فلا موجب للتقييد بعدم المندوحة ، لا على القول بالتضادّ لكفاية الاستحالة من جهة التضادّ في عدم الصحّة ، ولا على القول بعدم التضادّ لما عرفت من كفاية تعدّد الجهة من حيث التقرّب أيضا». نهاية الدارية ١ : ٥١٤.
(٢) أي : على القول بتعلّق الأحكام بالأفراد.
وتوضيح التوهّم : أنّ للمتوهّم دعويين :
الأولى : جريان النزاع في خصوص ما إذا قلنا بتعلّق الأحكام بالطبائع. إذ عليه تعلّق الأمر بطبيعة والنهي بطبيعة أخرى ، غاية الأمر انطبقا في الخارج على شيء واحد. وحينئذ يقع النزاع في إمكان الاجتماع وامتناعه ، فالقائل بالجواز يرى أنّ تعدّد عنوان الطبيعة يوجب تعدّد المجمع في مورد الاجتماع ، والقائل بالامتناع يرى أنّ تعدّد العنوان لا يوجب تعدّد المجمع في الخارج. ـ