أمّا الأولى : فإنّما المراد ممّا دلّ على اختصاص فهم القرآن ومعرفته بأهله ، اختصاص فهمه بتمامه بمتشابهاته ومحكماته ، بداهة أنّ فيه ما لا يختصّ به ، كما لا يخفى ؛ وردع أبي حنيفة وقتادة عن الفتوى به ، إنّما هو لأجل الاستقلال في الفتوى بالرجوع إليه (١) من دون مراجعة أهله ، لا عن الاستدلال بظاهره مطلقا ولو مع الرجوع إلى رواياتهم والفحص عمّا ينافيه والفتوى به مع اليأس عن الظفر به ؛ كيف! وقد وقع في غير واحد من الروايات الإرجاع إلى الكتاب والاستدلال بغير واحد من آياته (٢).

وأمّا الثانية : فلأنّ احتواءه على المضامين العالية الغامضة ، لا يمنع عن فهم ظواهره المتضمّنة للأحكام وحجّيّتها ، كما هو محلّ الكلام.

وأمّا الثالثة : فللمنع عن كون الظاهر من المتشابه ، فإنّ الظاهر كون المتشابه هو خصوص المجمل ، وليس بمتشابه ومجمل (٣).

وأمّا الرابعة : فلأنّ العلم إجمالا بطروء إرادة خلاف الظاهر إنّما يوجب الإجمال فيما إذا لم ينحلّ بالظفر في الروايات بموارد إرادة خلاف الظاهر بمقدار المعلوم بالإجمال. مع أنّ دعوى اختصاص أطرافه بما إذا تفحّص عمّا يخالفه لظفر به ، غير بعيدة ، فتأمّل جيّدا.

وأمّا الخامسة : فبمنع كون حمل الظاهر على ظاهره من التفسير ، فإنّه كشف القناع ، ولا قناع للظاهر. ولو سلّم فليس من التفسير بالرأي ، إذ الظاهر أنّ المراد بالرأي هو الاعتبار الظنّيّ الّذي لا اعتبار به ، وإنّما كان منه حمل اللفظ على

__________________

(١) أي : إلى ظاهر الكتاب.

(٢) منها : رواية عبد الأعلى مولى آل سام الوارد في مسألة المسح على المرارة ، حيث قال عليه‌السلام : «يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله. ما جعل عليكم في الدين من حرج». وسائل الشيعة ١ : ٣٢٧ ، الباب ٣٩ من أبواب الوضوء ، الحديث ٥.

(٣) أي : وليس لفظ «المتشابه» من الألفاظ المجملة.

۴۱۹۱