فصل
[التخصيص بالمفهوم المخالف]
قد اختلفوا في جواز التخصيص بالمفهوم المخالف ـ مع الاتّفاق على الجواز بالمفهوم الموافق ـ على قولين. وقد استدلّ لكلّ منهما بما لا يخلو عن قصور (١).
__________________
(١) توضيح محلّ النزاع : أنّه يقع البحث في أنّ العامّ هل يخصّص بالمفهوم أم لا؟
وبما أنّ المفهوم ينقسم إلى الموافق والمخالف يقع البحث في مقامين :
الأوّل : في المفهوم الموافق : فإذا ورد عامّ ومفهوم موافق أخصّ منه تارة تكون النسبة بينهما عموما من وجه ، نحو قوله : «لا تكرم الصرفيّين» وقوله : «أكرم جهّال خدّام النحويّين» ، فإنّ الأوّل عامّ يشمل كلّ واحد من الصرفيّين ، سواء كان نحويّا أيضا أو لا ، والمفهوم من الثاني بالأولويّة وجوب إكرام النحويّين ، وهو أخصّ من قوله السابق ، كأنّه قال : «لا تكرم الصرفيّين إلّا النحويّين منهم». وأخرى تكون النسبة بينهما عموما مطلقا ، كأن يستفاد من الأدلّة «جواز ضرب الأقارب» وورد قوله تعالى : ﴿فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ﴾ الأسراء / ٢٣ ، وهو دالّ بالأولويّة على عدم جواز ضربهما. فقد اشتهر وادّعي الاتّفاق على تقديم المفهوم الموافق على العامّ مطلقا. راجع الفصول الغرويّة : ٢١٢ ، مطارح الأنظار : ٢٠٩ ، فوائد الاصول ٢ : ٥٥٦٧.
وقد تعرّض السيّد الإمام الخمينيّ للاحتمالات في تفسير المفهوم الموافق ، ثمّ أفاد : أنّه لا يبعد أن يكون محطّ كلام القدماء ومورد اتّفاقهم على جواز تخصيص العموم بالمفهوم الموافق ما إذا كان المفهوم أخصّ مطلقا ، فإنّ حال هذا المفهوم حال اللفظ الملقى إلى المتكلّم ، فيخصّص به العامّ بلا ريب. وأمّا إذا كان بينهما العموم من وجه فيعامل معهما معاملة المنطوقين. مناهج الوصول ٢ : ٢٩٩.
الثاني : المفهوم المخالف : كما إذا ورد عامّ كقوله تعالى : ﴿إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِ