عدم الإصابة على التجرّي بمخالفته ، واستحقاق المثوبة على الانقياد بموافقته ، أو لا يوجب شيئا؟ (١)

[المختار من حكم التجرّي]

الحقّ أنّه يوجبه (٢) ، لشهادة الوجدان بصحّة مؤاخذته وذمّه على تجرّيه وهتك

__________________

(١) لا يخفى : أنّه لا بدّ في تحرير محلّ النزاع من بيان امور :

الأمر الأوّل : أنّ موضوع البحث لا يختصّ بصورة القطع ، بل يعمّ جميع الأمارات المعتبرة والاصول العمليّة ، بل بعض صور احتمال التكليف كما في مورد العلم الإجماليّ بالتكليف والشبهة البدويّة قبل الفحص. والجامع بين الجميع هو مخالفة ما يمكن للمولى أن يحتجّ به على عبده.

فذكر القطع ليس لاختصاص البحث به ، بل إنّما هو لكونه أظهر ما يحتجّ به المولى على عبده.

الأمر الثاني : أنّه ليس محلّ الكلام ما إذا كان موضوع الحكم نفس القطع أو الظنّ أو الاحتمال ، ضرورة أنّه إذا أخذ القطع أو الظنّ أو الاحتمال في موضوع الحكم يكون الحكم ثابتا واقعا ، ولا مجال للتجرّي هنا. فيختصّ البحث بالقطع الطريقيّ والظنّ والاحتمال غير المأخوذين في موضوع الحكم.

الأمر الثالث : أنّ مسألة التجرّي هل هي من المسائل الاصوليّة أو من المسائل الفقهيّة أو من المسائل الكلاميّة؟

والتحقيق : أنّ مسألة التجرّي والانقياد ذو جهات متعدّدة. فتارة يبحث عن حرمة الفعل المتجرّى به وعدمها ، وعليه تكون من المسائل الفقهيّة ؛ واخرى يبحث عن أنّه هل يكون مقتضى الإطلاقات المتكفّلة لثبوت الأحكام للعناوين الواقعيّة شمول الحكم لمقطوع العنوان ولو لم يكن مصادفا للواقع أو لا يكون مقتضاها ذلك؟ وعليه تكون من المسائل الاصوليّة ، فإنّها تكون نظير البحث عن أنّ مقتضى إطلاق الجملة الشرطيّة ثبوت المفهوم أو عدمه ؛ وثالثة يبحث عن استحقاق المتجرّي للعقاب والمنقد للثواب ، وعليه تكون من المسائل الكلاميّة.

وظاهر كلام المصنّف رحمه‌الله في المقام هو الأخير.

والحاصل : أنّ المبحوث عنه في المقام أنّ فعل الشيء ـ معتقدا بأنّه حرام ـ وتركه ـ معتقدا بأنّه واجب ـ هل يوجب استحقاق العقوبة ولو تبيّن عدم حرمة ما اعتقد بحرمته وعدم وجوب ما اعتقد بوجوبه ، أو لا يوجب ذلك؟ وكذا فعل الشيء ـ معتقدا بأنّه مطلوب المولى ـ وتركه ـ معتقدا بأنّه مبغوضه ـ هل يوجب استحقاق المثوبة ولو كشف عدم مطلوبيّته أو عدم مبغوضيّته ، أو لا يوجب؟

(٢) لا يخفى : أنّ الأقوال في مسألة التجرّي كثيرة ، ولا بأس بالإشارة إلى بعضها : ـ

۴۱۹۱