تنبيه
قال الكسائي في قول القائل (١) :
٢١ ـ فإن تَرْفقي يا هندُ فالرفق أيمَنُ
وإن تَخْرَقِي يا هندُ فالخُرْق أشأمُ
فأنتِ طَلاقٌ والطلاقُ عَزِيمةٌ
ثلاثٌ ، ومَن يَخْرَقْ أعَقُّ وأظلمُ
إن رفع «ثلاثاً» طلقت واحدة؛ لأنه قال : «أنتِ طلاق» ثمّ أخبر أنّ الطّلاق التام ثلاث. وإن نصبها طلقت ثلاثاً؛ لأنّ معناه : أنت طالق ثلاثاً ، وما بينهما جملة معترضة.
والصواب : أنّ كلاًّ من الرفع والنصب محتمل لوقوع الثلاث ولوقوع الواحدة ، أمّا الرفع فلأنّ «أل» في الطلاق إمّا لاستغراق خصائص الأفراد وإمّا للعهد الذكري ، أي : وهذا الطلاق المذكور عزيمة ثلاث. ولاتكون لاستغراق الأفراد؛ لئلا يلزم الإخبار عن العام بالخاص ، كما يقال : «الحيوان إنسان» وذلك باطل؛ إذ ليس كل حيوان إنساناً ولا كل طلاق عزيمة ولا ثلاثاً.
فعلى العهدية يقع الثلاث ، وعلى الجنسية يقع واحدة كما قال الكسائي ، وأمّا النصب فلأنه محتمل لأن يكون على المفعول المطلق ، وحينئذ يقتضي وقوع الطلاق الثّلاث؛ إذالمعنى فأنت طالق ثلاثاً ، ثم اعترض بينهما بقوله : والطلاق عزيمة ، ولأن يكون حالاً من الضمير المستتر في «عزيمة» وحينئذ لايلزم وقوع الثلاث؛ لأنّ المعنى : والطلاق عزيمة إذا كان ثلاثاً ، وإنّما يقع ما نواه.
هذا ما يقتضيه معنى هذا اللفظ مع قطع النظر عن شيء آخر(٢) ، وأمّا الّذي
__________________
١ ـ قال البغدادي : لم أقف على قائل هذه الأبيات. شرح أبيات مغني اللبيب : ١ / ٣٢٤.
٢ ـ قال الشيخ الطوسي : إذا طلّقها ثلاثاً بلفظ واحد وقعت واحدة عند أكثر أصحابنا ، وفيهم من قال : لا يقع شيئاً انتهى ملخصاً. كتاب الخلاف ، الطلاق : ٢ / ٤٤٠.