﴿لايَتّخِذِ المُؤمِنُونَ الكافِرينَ أولياء﴾ (آل عمران /٢٨) ، أو متكلماً ، نحو «لا أرَيَنّك هاهنا» ، وهذا النوع مما اُقيم فيه المسبب مُقام السبب ، والأصل : لاتكن هاهنا فأراك.
ولافرق في اقتضاء «لا» الطلبية للجزم بين كونها مفيدةً للنهي سواء كان للتحريم كما تقدم ، أو للتنزيه نحو : ﴿وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ (البقرة/٢٣٧) وكونها للدعاء كقوله تعالى : ﴿رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا﴾ (البقرة/٢٨٦) وقال مالك بن الريب :
٢١٧ ـ يقولونَ لا تَبْعَدْ وهم يدفنُونني
وأينَ مكانُ البعدِ إلاّ مكانيا؟ (١)
وكونها للالتماس كقولك لنظيرك غير مُستعل عليه : «لا تفعل كذا» وكذا الحكم إذا خرجتْ عن الطلب إلى غيره كالتهديد في قولك لولدك أو عبدك : «لاتُطعني».
الثالث : «لا» الزائدة الداخلة في الكلام لمجرد تقويته وتوكيده ، نحو : ﴿ما مَنَعَك إذْ رَأيْتَهُمْ ضَلّوا ألاّ تَتّبِعَنِ﴾ (طه/٩٢ و ٩٣) ﴿ما مَنَعَك ألاّ تَسْجُدَ﴾ (الأعراف/١٢) ويوضحه الآية الاُخرى : ﴿ما مَنَعَك أنْ تَسْجُدَ﴾ (ص /٧٥) ومنه : ﴿لئلاّ يَعْلَمَ أهْلُ الكِتابِ﴾ (الحديد/٢٩) أي : ليعلموا.
واختلف فيها من قوله تعالى : ﴿لا اُقسِمُ بِيَومِ القيامَةِ﴾ (القيامة /١) أنافيةأم زائدة؟ ، فقيل : هي نافية ، واختلف هؤلاء في منفيها على قولين :
أحدهما : أنه شيء تقدم ، وهو ما حكي عنهم كثيراً من إنكار البعث : فقيل لهم : ليس الأمر كذلك : ثم استؤنف القسم ، قالوا : وإنما صح ذلك؛ لأن القرآن كله كالسورة الواحدة ، ولهذا يذكر الشيء في سورة وجوابه في سورة اُخرى ، نحو :
__________________
١ ـ شرح شواهد المغني : ٢/٦٣٠.