١٨٣ ـ فمِن أينَ أو أنّى وكيف ضلالُهم
هُدىً والهوى شتّى بهم مُتَشَعِّب (١)
وقول أميرالمؤمنين عليهالسلام : «كيف يكون حال مَنْ يَفنى ببقائه ويسقَم بصحّته ويُؤتى من مَأمَنه؟» (٢) ومنه : «كيف ظننت زيداً؟» و : كيفَ أعلمته فرسك؟» ؛ لأن ثاني مفعولي «ظن» وثالث مفعولات «أعلم» خبران في الأصل ، وحالاً قبل ما يستغني ، نحو : «كيفَ جاء زيدٌ؟» أي : على أيّ حالة جاء زيد؟ ، والصواب : أنها تأتي في هذا النوع مفعولاً مطلقاً أيضاً ، وأن منه ﴿كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ﴾ (الفيل / ١) ؛ إذ المعنى : أيّ فعل فَعَلَ ربك؟ ولايتجه(٣١٢) فيه أن يكون حالاً من الفاعل.
وعن سيبويه : أن «كيف» ظرف ، وعن السيرافي والأخفش : أنها اسمٌ غير ظرف ، وهو حسن ، ويؤيده الإجماع على أنه يقال في البدل : «كيف أنت؟ أصحيح أم سقيم؟» بالرفع ، ولا يبدل المرفوع من المنصوب.
تنبيه
قوله تعالى : ﴿أفَلا يَنْظُرُونَ إلَى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾ (الغاشية / ١٧) ، لاتكون «كيف» بدلاً من «الإبل» ، لأن دخول الجار على «كيف» شاذ ، على أنه لم يسمع في «إلى» ، بل في «على» ولأن «إلى» متعلقة بما قبلها؛ فيلزم أن يعمل في الاستفهام فعل متقدم عليه ، ولأن الجملة التي بعدها تصير حينئذ غير مرتبطة ، وإنما
__________________
١ ـ شرح الهاشميات : ٤٦.
٢ ـ وقبله : كيف تَجدك يا أميرالمؤمنين؟ فقال عليهالسلام : كيف ... نهج البلاغة : ١١١/١١٤٠.
٣ ـ الظاهر أن وجهه ما قاله الشمني من «أن في ذلك وصفه تعالى بالكيفية وهو ممتنع».
وهذا مخالف لقول ابن هشام في الباب الرابع : من أن «رحيماً» حال من «رحماناً» في «تبارك رحماناً رحيماً». راجع المنصف : ٢/٧٢ والمغني ، الباب الرابع ، ما افترق فيه الحال والتمييز وما اجتمعا.