أي : واذكر قصّة مريم.
ويؤيد هذا القول التصريح بالمفعول في ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيكُمْ إذ كُنْتُمْ أعداء﴾ (آل عمران /١٠٣).
الوجه الثّاني : أن تكون اسماً للزمن المستقبل ، نحو : ﴿يَوْمَئذ تُحَدِّثُ أخْبارَها﴾ (الزلزلة /٤).
والجمهور لايثبتون هذا القسم ، ويجعلون الآية من باب ﴿وَنُفِخَ في الصّور﴾ (الكهف /٩٩) أي : من تنزيل المستقبل الواجب الوقوع منزلة ما قد وقع.
الوجه الثّالث : أنْ تكون للتعليل ، نحو : ﴿وَلَنْ يَنْفَعَكُمْ اليَوْمَ إذْ ظَلَمْتُمْ أنّكُمْ في العَذابِ مُشْتَرِكُونَ﴾ (الزخرف /٣٩) أي : ولن ينفعكم اليوم اشتراككم في العذاب ، لأجل ظلمكم في الدّنيا.
وهل هذه حرف بمنزلة لام العلّة أو ظرف والتعليل مستفاد من قوّة الكلام لامن اللّفظ ، فإنّه إذا قيل : «ضربته إذ أساء» واُريد بـ «إذ» الوقت ، اقتضى ظاهر الحال أنّ الإساءة سبب الضّرب؟ قولان.
ويرد على الثّاني : أنّه لو قيل : لن ينفعكم اليوم وقت ظلمكم الاشتراك في العذاب ، لم يكن التّعليل مستفاداً؛ لاختلاف زمني الفعلين ، وأنّ «إذ» لاتبدل من اليوم؛ لاختلاف الزّمانين ولاتكون ظرفاً لـ «ينفع» ؛ لأنّه لايعمل في ظرفين ولا لـ «مشتركون» ؛ لأنّ معمول خبر الأحرف الخمسة لايتقدّم عليها ولأنّ معمول الصّلة لايتقدّم على الموصول ولأنّ اشتراكهم في الآخرة لا في زمن ظلمهم.
والجمهور لايثبتون هذا القسم. قال أبوالفتح : راجعت أبا علي مراراً في قوله تعالى : ﴿وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ اليَومَ إذ ظَلَمْتُمْ﴾ مستشكلاً إبدال «إذ» من «اليوم» فآخر ما تحصّل منه : أنّ الدنيا والآخرة متصلتان ، وأنهما في حكم الله تعالى سواء فكأنّ «اليوم» ماض أو كأنّ «إذ» مستقبلة. انتهى.