بالشتاء مُقبلٌ» أي : أظنه مقبلاً.
الثالث : التحقيق ، ذكره الكوفيون والزجاجي ، وأنشدوا عليه (١) :
١٦٠ ـ فأصبحَ بطن مكَّةَ مُقشعِرّاً
كأنَّ الأرضَ ليس بها هشام
أي : لأنَّ الأرض : إذ لا يكون تشبيهاً؛ لأنّه ليس في الأرض حقيقة.
فإن قيل : فإذا كانت للتحقيق فمن أين جاء معنى التعليل؟
قلنا : من جهة أن كلام معها في المعنى جوابٌ عن سؤال عن العلة مقدر واُجيب باُمور :
أحدها : أن المراد بالظرفية الكونُ في بطنها ، لا الكونُ على ظهرها فالمعنى : أنه كان ينبغي ألاّ يقشعر بطن مكة مع دفن هشام فيه؛ لأنه لها كالغيث
الثاني : أنّه يحتمل أنّ هشاماً قد خلّف من يسدُّ مسدّه ، فكأنه لم يمت.
الثالث : أنّ الكاف للتعليل ، و «أن» للتوكيد؛ فهما كلمتان لا كلمة.
المعنى الرابع : التقريب ، قاله الكوفيون وحملوا عليه : «كأنك بالشتاء مقبل» و «كأنك بالفرج آت» و «كأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزلْ».
وقد اختلف في إعراب ذلك؛ فقال الفارسي : الكاف حرف خطاب ، والباء زائدة في اسم «كأنَّ» وقال بعضهم : الكافُ اسم «كأنّ» وفي المثال الأول حذف مضاف ، أي : كأن زمانك مقبل بالشتاء ، ولا حذف في «كأنك بالدنيا لم تكن» بل الجملة الفعلية خبر ، والباء بمعنى «في» وهي متعلقة بـ «تكن» وفاعل «تكن» ضمير المخاطب ، وقال ابن عصفور : الكاف في «كأنك» زائدة كافة لـ «كأن»
__________________
١ ـ قال البغدادي «البيت من شهر للحارث بن اُميّة الصغرى بدون فاء رثى بها هشام بن المغيرة» شرح أبيات مغني اللبيب : ٤/١٧٠.