فيمكن أن لا يصير فعليّا معه (١) ، لإمكان جعل الظاهريّ في أطرافه وإن كان فعليّا من غير هذه الجهة ، فافهم (٢).

__________________

(١) أي : فيمكن أن لا يعير الحكم الواقعيّ فعليّا مع العلم الإجماليّ.

(٢) توضيح ما أفاده ـ على ما قرّبه تلميذه المحقّق الاصفهانيّ على نحو الإجمال في نهاية الدراية ٢ : ٥٧٥ ـ ٥٧٦ ـ : أنّ التكليف المعلوم بالإجمال على قسمين :

القسم الأوّل : أن يكون تامّ الفعليّة من جميع الجهات ، بأن يكون واجدا لما هو العلّة التامّة للبعث أو الزجر الفعليّ ، ولو كان التكليف مردّدا بين أطراف ، وهو فيما إذا كان استيفاء الغرض الداعي إلى الحكم متعلّقا لإرادة المولى على كلّ تقدير ، بحيث لا يرضى بفواته أصلا ، سواء علم به المكلّف تفصيلا ـ لوصول الخطاب إليه ولو تصادفا ـ أو علم إجمالا. فحينئذ لا يمنع عن فعليّة التكليف إلّا الجهل به ، وهو يرتفع بمجرّد العلم به ، فإنّ العلم يكشف عن الواقع ويرتفع العذر الجهليّ ، فيستحقّ العقوبة على مخالفته. ولا فرق حينئذ بين العلم الإجماليّ والتفصيليّ ، لعدم الفرق في انكشاف الواقع وارتفاع العذر الجهليّ بهما ، غاية الأمر أنّ حكم العقل بإتيان جميع الأطراف احتياط فيما إذا علم به إجمالا ، وحكم بإتيان المأمور به فيما إذا علم به تفصيلا.

وحينئذ لو فرض أنّ ما دلّ بعمومه على الترخيص ونفي التكليف ـ كحديث الرفع ـ يشمل أطراف العلم الإجماليّ فلا بدّ من تخصيصها بما نحن فيه ، لحكم العقل بمناقضته مع كون الحكم فعليّا من جميع الجهات ، ضرورة أنّه يقتضي لزوم موافقته على كلّ تقدير ، والترخيص يقتضي عدم لزومها ، وهذا هو التناقض المستحيل.

القسم الثاني : أن لا يكون تامّ الفعليّة من جميع الجهات ، بأن لا يكون الغرض الداعي إلى الحكم بمثابة تتعلّق إرادة المولى باستيفائه على كلّ حال ، بل يكون متعلّقا لإرادة المولى إذا وصل الخطاب إليه تفصيلا ولو من باب الاتّفاق. وحينئذ يعتبر في تنجّزه العلم التفصيليّ بالحكم. وأمّا الحكم المعلوم بالعلم الإجماليّ وإن كان بمرتبة من الفعليّة إلّا أنّ المعلوم به ليس متعلّقا لإرادة المولى ، فلا يكون متنجّزا ولا يستحقّ العقوبة على مخالفته.

ومن هنا يظهر امور :

الأوّل : أنّه لو احرز كون الحكم المعلوم بالإجمال من القسم الأوّل فيجب موافقته برعاية الاحتياط ، ولا يمكن جعل الحكم الظاهريّ ـ أي البراءة ـ في بعض الأطراف أو جميعها ، لكونه تامّ الفعليّة. ولو احرز كونه من القسم الثاني فلا يجب موافقته ، بل يمكن جعل الحكم الظاهريّ ـ أي الترخيص ـ في بعض الأطراف أو في جميعها.

الثاني : أنّ العلم الإجماليّ بمثابة العلم التفصيليّ في إمكان انكشاف الواقع به ، غاية ـ

۴۴۳۱