أنّها (١) يعارض بما هو أخصّ وأظهر ، ضرورة أنّ ما دلّ على حلّيّة المشتبه أخصّ ، بل هو في الدلالة على الحلّيّة نصّ ، وما دلّ الاحتياط غايته أنّه ظاهر في وجوب الاحتياط (٢).
__________________
ـ مع المخاطبين في التكليف يستكشف ذلك الأمر الطريقيّ في حقّ غير المخاطبين ، فيكون أمر المخاطبين بالتوقّف بضميمة قاعدة الاشتراك كاشفا عن إيجاب الاحتياط طريقيّا في الشبهة البدويّة.
ثمّ أورد على الوجهين بمنع إرادة العقوبة الاخرويّة من الهلكة. هذا ملخّص كلامه ، وإن شئت فراجع نهاية الدراية ٢ : ٤٧٥ ـ ٤٧٧.
(١) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «إلّا أنّه ...» ، فإنّ الضمير يرجع إلى ما دلّ على وجوب الاحتياط.
(٢) لا يخفي : أنّ العبارة غير خالية من القصور. والصحيح سوق العبارة هكذا : «ضرورة أنّ ما دلّ على حلّيّة المشتبه أخصّ موضوعا وأظهر دلالة ـ بل في بعضه في الدلالة على الحلّيّة نصّ ـ ، وما دلّ على الاحتياط أعمّ موضوعا وظاهر في وجوب الاحتياط دلالة».
وتوضيح ما أفاده : أنّ أخبار الاحتياط ـ بعد تسليم دلالتها على وجوب الاحتياط ـ وإن كانت واردة على حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، إلّا أنّها تعارض بأخبار البراءة ، ويتعيّن تقديمها على أخبار الاحتياط لوجهين :
أحدهما : أنّ أخبار البراءة أخصّ موضوعا من موضوع أخبار الاحتياط ، لأنّ ما دلّ على البراءة ـ من حديث الرفع ، وحديث الحلّ ، وحديث السعة ـ إنّما يشمل الشبهات بعد الفحص ؛ وأمّا الشبهات قبل الفحص فلا خلاف بين الاصوليّ والأخباريّ في وجوب الاحتياط فيها. بخلاف ما دلّ على وجوب الاحتياط ، فإنّ مثل قوله عليهالسلام :«فعليكم بالاحتياط» وقوله عليهالسلام : «فاحتط لدينك» يدلّ على الاحتياط مطلقا ، قبل الفحص وبعده. فيكون ما دلّ عليه عامّا وما دلّ عليها خاصّا. وحينئذ يجب تخصيص العامّ بالخاصّ. فيحصّل : أنّه يجب الاحتياط في كلّ شبهة ، إلّا الشبهات البدويّة بعد الفحص ، وهو المطلوب.
وثانيهما : أنّ أخبار الاحتياط ظاهرة في وجوب الاحتياط ، وأخبار البراءة بعضها أظهر منها في الدلالة على حلّيّة المشتبه ـ كحديث الرفع وحديث السعة ـ ، وبعضها نصّ في الدلالة على الحلّيّة ـ كحديث الحلّ ـ. ومعلوم أنّ النص والأظهر مقدّم على الظاهر.