__________________
ـ ولا يخفى أيضا : أنّ الشيخ الأعظم الأنصاريّ ذهب إلى أنّ دلالة هذا الحديث على المطلوب أوضح من الكلّ. فرائد الاصول ٢ : ٤٣.
وأمّا الأعلام الثلاثة والسيّدان العلمان :
فذهب المحقّق النائينيّ إلى عدم دلالته على المطلوب ، لكن لا لما أفاده المصنّف رحمهالله ، بل بلحاظ أنّ الاستدلال به يتوقّف على أن يكون المراد من الشيء في قوله عليهالسلام : «كلّ شيء» هو الشيء المجهول ، ولكنّ الظاهر من لفظ «شيء» هو الشيء بعنوانه الأوّلى ، فيكون دليلا على كون الأصل في الأشياء في الشريعة هو الإباحة حتّى يثبت المنع ، لا على أنّ كلّ شيء مجهول الحكم مباح ظاهرا حتّى يصل النهي عنه إلينا. أجود التقريرات ٢ : ١٨٢.
وذهب المحقّق العراقيّ أيضا إلى عدم دلالته على المطلوب ، حيث لم يستبعد أن يكون المراد بالورود مجرّد صدور النهي عن الشارع ، لا وصوله إلى المكلّف. نهاية الأفكار ٣ : ٢٣٠.
وأمّا المحقّق الاصفهانيّ : فقد حاول إثبات دلالته على المدّعى بأحد وجهين :
الوجه الأوّل : أنّ الورود وإن كان ظاهرا في الصدور ، إلّا أنّه لا بدّ من حمله على الوصول في المقام. وذلك لقرينة قوله عليهالسلام : «كلّ شيء مطلق» ، إذ الصدور لا يتلاءم الإطلاق مطلقا ، سواء كان المراد من الإطلاق هو الإباحة الشرعيّة الواقعيّة أو كان المراد منه الإباحة الشرعيّة الظاهريّة أو كان المراد منه الإباحة المالكيّة ـ بمعنى اللاحرج من قبل المولى في قبال المنع العقليّ ـ.
أمّا الإباحة الواقعيّة : فلأنّ إرادة الصدور من الورود تقتضي أن يكون معنى الحديث : «أنّ كلّ شيء مباح واقعا ما لم يصدر النهي عنه من المولى». ومرجعه إمّا إلى بيان أنّ غير الحرام مباح ، وإمّا إلى عدم أخذ الحرمة في موضوع الإباحة ؛ فعلى الأوّل يلزم أن يكون بيانه لغوا ، لأنّه واضح يحتاج إلى بيان ؛ وعلى الثاني يلزم جعل عدم أحد الضدّين شرطا للضدّ الآخر ، وهو ممنوع ، فإنّهما متلازمان.
وأمّا الإباحة الظاهريّة : فلأنّ جعلها مغيّاة بعدم صدور النهي واقعا غير صحيح من وجوه :
الأوّل : أنّ موضوع الحكم الظاهريّ الشرعيّ هو الجهل بالحكم الواقعيّ وعدم وصوله إلى المكلّف ، فلا يرتفع إلّا بوصوله إليه ، وأمّا مجرّد صدوره من الشارع من دون الوصول إلى المكلّف فلا يرتفع الحكم الظاهريّ ، فلا يصحّ جعل صدور النهي من الشارع غاية للإباحة الظاهريّة ، وإلّا لزم تخلّف الحكم عن موضوعه.
الثاني : أنّه إذا كان عدم صدور النهي موضوعا للإباحة الظاهريّة وكان مشكوك الحصول أيضا فلا بدّ من إثبات الإباحة الظاهريّة من التمسّك باستصحاب عدم الصدور ، وهو لا يجدي ، إمّا لكونه كافيا في إثبات الحكم الظاهريّ وإن لم يكن هذا الخبر موجودا ، ـ