بحسب مفهومه ، كاللغويّ في بيان معاني الألفاظ بتبديل لفظ بلفظ آخر ولو كان أخصّ منه مفهوما أو أعمّ.
ومن هنا انقدح أنّه لا وقع للإيراد على تعريفاته بعدم الانعكاس أو الاطّراد ، كما هو الحال في تعريف جلّ الأشياء لو لا الكلّ ، ضرورة عدم الإحاطة بها بكنهها أو بخواصّها الموجبة (١) لامتيازها عمّا عداها لغير علّام الغيوب ، فافهم.
وكيف كان ، فالأولى تبديل «الظنّ بالحكم» ب «الحجّة عليه» ، فإنّ المناط فيه (٢) هو تحصيلها (٣) قوّة أو فعلا ، لا الظنّ ، حتّى عند العامّة القائلين بحجّيّته مطلقا (٤) ، أو بعض الخاصّة القائل بها عند انسداد باب العلم بالأحكام (٥) ، فإنّه مطلقا عندهم أو عند الانسداد عنده (٦) من أفراد الحجّة ؛ ولذا لا شبهة في كون استفراغ الوسع في تحصيل غيره من أفرادها (٧) ـ من العلم بالحكم أو غيره ممّا اعتبر من الطرق التعبّديّة غير المفيدة للظنّ ولو نوعا ـ اجتهادا أيضا.
ومنه قد انقدح أنّه لا وجه لتأبّي الأخباريّ عن الاجتهاد بهذا المعنى (٨) ، فإنّه لا محيص عنه ، كما لا يخفى. غاية الأمر له أن ينازع في حجّيّة بعض ما يقول
__________________
(١) وصف لقوله : «الإحاطة».
(٢) أي : في الاجتهاد.
(٣) أي : تحصيل الحجّة.
(٤) أي : عند العامّة القائلين بحجّيّة الظنّ مطلقا ، سواء كان من الظنون الخاصّة الّتي ثبتت حجّيّتها بالأدلّة أو لم يكن منها ، فإنّهم أوجبوا العمل بالظنون الحاصلة من الاستحسانات والقياسات والمصالح المرسلة وغيرها. راجع اللمع في اصول الفقه : ١٣١ ، إرشاد الفحول : ٢٤٠ ، سلّم الوصول : ٣٠٩ ، نهاية السئول ٤ : ٩٧ ـ ١٠٥ ، الموافقات ٤ : ١٩٩ ، مصادر التشريع الإسلاميّ : ٧٣.
(٥) وهو المحقّق القمّيّ في غنائم الأيّام ٥ : ١٦٤ ـ ١٦٥ ، وقوانين الاصول ١ : ٢٨٢.
(٦) أي : عند بعض الخاصّة ، وهو المحقّق القمّي ، كما مرّ.
(٧) أي : غير الظنّ من أفراد الحجّة.
(٨) أي : بمعنى كون الاجتهاد استفراغ الوسع في تحصيل الحجّة على الحكم الشرعيّ.