من دليل اعتبار غير السند منها (١) ، وهو بناء العقلاء على أصالتي الظهور والصدور (٢) ، لا للتقيّة ونحوها ؛ وكذا السند (٣) لو كان دليل اعتباره هو بناءهم أيضا ، وظهوره فيه لو كان هو الآيات والأخبار (٤) ، ضرورة ظهورها فيه (٥) لو لم نقل بظهورها في خصوص ما إذا حصل الظنّ منه أو الاطمئنان (٦).

__________________

(١) مراده من غير السند هو الدلالة وجهة الصدور.

(٢) مراده من الصدور هو حجّيّة الصدور. ومعنى أصالة جهة الصدور هو كون المولى في مقام بيان المراد الجدّيّ.

(٣) أي : وهو المتيقّن أيضا من دليل اعتبار السند لو كان ...

(٤) أي : وهو ـ أي كون الحجّة خصوص ما لم يعلم كذبه ـ ظهور دليل اعتبار السند فيه ، لو كان دليل اعتباره هو الآيات والأخبار.

والأولى أن يقول : «وظاهره لو كان ...».

(٥) أي : في كون الحجّة خصوص ما لم يعلم كذبه.

(٦) والحاصل : أنّ المستفاد من أدلّة حجّيّة الأمارة هو كون الحجّة خصوص ما لم يعلم كذبه ، لا الأعمّ منه وممّا علم كذبه. توضيحه : أنّ كلّ أمارة ذو جهات ثلاث : الصدور والدلالة والجهة. وحجّيّتها تتوقّف على تماميّتها من هذه الجهات ، فلا بدّ من الدليل على اعتبارها من تمام الجهات.

أمّا الدليل على اعتبار الدلالة والجهة ، فهو بناء العقلاء على الأخذ بظاهر الكلام وحمله على بيان المراد الجدّيّ. فيكون الدليل عليه دليلا لبّيّا ، ولا بدّ من الأخذ بالقدر المتيقّن منه ، وهو ما لم يعلم كذبه.

وأمّا الدليل على اعتبار السند ، فلا يخلو : إمّا أن يكون الدليل عليه بناء العقلاء على العمل بخبر الثقة. وإمّا أن يكون الدليل عليه إطلاق الآيات والأخبار المتواترة. فعلى الأوّل يؤخذ بالقدر المتيقّن منه ، وهو ما لم يعلم كذبه. وعلى الثاني وإن كان مقتضى إطلاقها حجّيّة كلّ خبر حتّى معلوم الكذب ، إلّا أنّ ظهورها في ترتّب المصلحة على العمل بالخبر الّذي لم يعلم مخالفته للواقع يمنع عن إطلاقها. بل لا يبعد ظهورها في حجّيّة الخبر المفيد للظنّ أو الاطمئنان.

وعليه فيكون أحد الخبرين المتعارضين حجّة لا بعينه ، من باب السببيّة ، بمعنى أنّ المصلحة تكون في العمل بأحدهما ، لعدم العلم بكذب أحدهما غير المعيّن ، وحيث كانت الحجّة أحدهما بلا تعيين لم يكن واحد منهما حجّة في خصوص مؤدّاه ، فيتساقطان. وإنّما يمكن نفي الثالث بأحدهما ، كما مرّ.

۴۴۳۱