لم يكن (١) واحد منهما بحجّة في خصوص مؤدّاه (٢) ، لعدم التعيّن في الحجّة أصلا (٣) ، كما لا يخفى.

نعم ، يكون نفي الثالث بأحدهما ، لبقائه على الحجّيّة وصلاحيّته ـ على ما هو عليه من عدم التعيّن ـ لذلك (٤) ، لا بهما (٥).

__________________

ـ كون كلّ منهما كاذبا ؛ وإمّا معطوفة على قوله : «بلا تعيين ولا عنوان واقعا» ، فيكون معناها : وحيث كان باحتمال كون كلّ منهما كاذبا.

(١) جواب قوله : «حيث كان».

(٢) فيكون الأصل في كلّ منهما هو التساقط بالنسبة إلى خصوص مؤدّاه.

وتبعه في ذلك أكثر المتأخّرين ، منهم : الأعلام الثلاثة والسيّدان العلمان ، فراجع فوائد الاصول ٤ : ٧٥٥ ، نهاية الأفكار ٤ : ١٧٤ ـ ١٧٥ ، نهاية الدراية ٣ : ٣٣٣ ، الرسائل (للإمام الخمينيّ) ٢ : ٣٩ ، مصباح الاصول ٣ : ٣٦٥ ـ ٣٦٧.

(٣) وفي بعض النسخ : «لعدم التعيين في الحجّيّة أصلا» ، وفي بعض آخر : «لعدم التعيّن في الحجّيّة أصلا». والأولى أن يقول : «لعدم تعيين الحجّة أصلا».

(٤) قوله : «لذلك» متعلّق بقوله : «صلاحيّته». والمشار إليه هو النفي الثالث.

(٥) توضيحه : أنّه وقع الكلام في نفي الثالث بالدليلين المتعارضين بمقتضى مدلولهما الالتزاميّ بعد سقوطهما عن الحجّيّة بالنسبة إلى خصوص مؤدّاهما المطابقيّين ، فإذا دلّ دليل على وجوب شيء والآخر على حرمته فهل يصحّ نفي الثالث ـ وهو الإباحة مثلا ـ بأحدهما لا بعينه ، أو يصحّ نفيه بهما معا بما هما حجّتان ، أو يصحّ نفيه بذات الخبرين لا بما هما حجّتان ، أو لا يصحّ نفيه بهما مطلقا؟ فيه أقوال :

الأوّل : أنّه يصحّ نفي الثالث بأحدهما غير المعيّن ، لأن العلم الإجماليّ بكذب أحدهما مانع عن شمول دليل التعبّد لكلّ من المتعارضين ، ولازمه خروج أحدهما عن تحت دليل التعبّد مطلقا بما له من المدلول المطابقيّ والالتزاميّ ، وبقاء الآخر في تحته إجمالا بلا تعيين وعنوان ، فيصحّ نفي الثالث بالآخر الباقي تحت دليل التعبّد إجمالا ، لا بهما. وهذا ما ذهب إليه المصنّف رحمه‌الله في المقام ، وتبعه السيّد الإمام الخمينيّ في الرسائل ٢ : ٤١.

الثاني : أنّه يصحّ نفي الثالث بهما بما هما حجّتان. واستدلّ عليه بوجهين :

أحدهما : ما ذكره المحقّق العراقيّ. وحاصله : أنّ مجرّد العلم الإجماليّ بكذب أحد المتعارضين لا يمنع عن شمول دليل الحجّيّة والتعبّد لكلّ واحد من المتعارضين ، إلّا على القول بسراية العلم إلى الخارج ، وهو ممنوع ، لأنّ متعلّق العلم هو الصورة الإجماليّة ، وهذا لا يسري إلى صورة اخرى ولا إلى الخارج ، فلا مانع حينئذ من الأخذ بمدلولها الالتزاميّ ـ

۴۴۳۱