فإن كانا مجهولي التأريخ ، فتارة كان الأثر الشرعيّ لوجود أحدهما بنحو خاصّ من التقدّم أو التأخّر أو التقارن ، لا للآخر (١) ولا له بنحو آخر (٢) ، فاستصحاب عدمه جار بلا معارض (٣) ؛ بخلاف ما إذا كان الأثر لوجود كلّ منهما
__________________
ـ كلا التقديرين إمّا أن يكون الأثر مترتّبا على الوجود الخاصّ من السبق واللحوق والتقارن ، أو على العدم. وعلى التقادير الأربعة إمّا أن يكون الأثر مترتّبا على الوجود والعدم بمفاد كان وليس التامّتين ، أو على الوجود والعدم بمفاد كان وليس الناقصتين.
(١) أي : وليس للحادث الآخر أثر شرعيّ أصلا ، لا متقدّما ولا متأخّرا ولا متقارنا.
(٢) أي : وليس لذلك الحادث بنحو آخر أثر شرعيّ.
مثلا : كان الأثر الشرعي لوجود أحد الحادثين متقدّما فقط ، وليس لوجوده متأخّرا أثر آخر.
(٣) هذه هي الصورة الاولى ، وهي على أقسام :
الأوّل : أن يكون الأثر الشرعيّ مترتّبا على وجود أحدهما متقدّما.
مثاله : ما إذا فرض أنّ الإرث مترتّب على تقدّم موت المورّث على موت الوارث ، فيستصحب عدم تقدّمه ويحكم بعدم الإرث.
مثال آخر : أنّه إذا ماتت الزوجة متقدّما على الزوج فعليه كفنها ، وأمّا إذا ماتت بعد الزوج أو ماتا متقارنا فليس كفنها عليه ، فإذا شكّ في أنها ماتت متقدّما أو متأخّرا أو متقارنا يستصحب عدم كون موتها متقدّما ويحكم بعدم وجوب كفنه على الزوج.
الثاني : أن يكون الأثر الشرعيّ مترتّبا على وجود أحدهما متأخّرا.
مثاله : ملاقاة الثوب المتنجّس للماء ، فيترتّب عليها طهارة الثوب إذا كانت متأخّرة عن كرّيّة الماء ، وإلّا فلا تؤثّر في الطهارة ، سواء كانت الملاقاة قبل الكرّيّة أو متقارنا معها ، فيستصحب عدم وجودها متأخّرا ويحكم بنجاسة الثوب.
الثالث : أن يكون الأثر الشرعيّ مترتّبا على وجود أحدهما متقارنا.
مثاله : تقارن التكبيرة للنيّة ـ بناء على كون النيّة شرطا لتأثير التكبيرة في الدخول في الصلاة ـ ، فيترتّب على وجود التكبيرة متقارنا مع النيّة حرمة قطع العمل ، ولا يترتّب عليه إذا كانت متقدّمة عليها أو متأخّرة عنها. فحينئذ يستصحب عدم وجودها متقارنا مع النيّة ويحكم بعدم حرمة قطع العمل.
مثال آخر : تقارن انغماس جميع البدن للنيّة في الغسل الارتماسيّ ، فيترتّب على وجود الغسل متقارنا معها رفع الحدث الأكبر وحصول الطهارة ، ولا يترتّب هذا الأثر على وجوده متقدّما عليها ، ولا متأخّرا منها ، فإذا شكّ في وجودها متقارنا فيستصحب عدمه ويحكم بعدم حصول الطهارة.