حقّقناه (١).
__________________
(١) لا يخفى : أنّ ما أفاد المصنّف قدسسره في المقام وقع مورد النقض والإبرام بين الأعلام.
فأورد عليه المحقّق النائينيّ بما حاصله : أنّ عدم دلالة دليل الاستصحاب على التعبّد بالآثار الشرعيّة المترتّبة على لوازم المستصحب وإن كان مسلّما إلّا أنّ دعوى دلالة أدلّة حجّيّة الأمارة على أنّها تحكي عن لوازم مؤدّاها ممنوعة ، لأنّ الحكاية من العناوين القصديّة ، فيختصّ موردها بما إذا كان الحاكي ملتفتا إلى لوازم الملزومات ، كما في موارد اللزوم البيّن بالمعنى الأخصّ أو اللزوم البيّن بالمعنى الأعمّ مع كون المخبر ملتفتا إلى الملازمة ، فحينئذ يكون الإخبار عن الشيء إخبارا عن لازمه. وأمّا في غير هذه الموارد فلا يكون الإخبار عن الشيء إخبارا عن لازمه ، فلا يصحّ أن يقال : إنّ الإخبار عن الملزوم في باب الأمارات يكون إخبارا عن لازمه. فوائد الاصول ٤ : ٤٩٢.
وأجاب عنه المحقّقان العراقيّ والأصفهانيّ :
أمّا المحقّق العراقيّ : فأجاب عن الإيراد بوجهين :
أحدهما : أنّه لا يعتبر القصد في الحكاية التصديقيّة عن لازم الشيء وملازمه ، بل انّما يعتبر القصد في الحكاية عن المؤدّى ، كما يشهد له بناء العرف والعقلاء في محاوراتهم.
ثانيهما : أنّ المعتبر في الحكاية القصديّة عن لوازم المؤدّى هو القصد الإجماليّ لا التفصيليّ ، وهو حاصل في باب الإخبار ، فإنّ من يخبر عن شيء يلتفت إلى لوازمه ويحكي عنه بنحو الإجمال ، ولو لم يلتفت إلى خصوصيّاتها تفصيلا ، فيتحقّق القصد الإجماليّ ، وهو كاف في صدق الحكاية عنه ، كما يشهد لذلك موارد الإقرار بشيء ، حيث يعدّ إقرارا بلوازمه وإن لم يلتفت المقرّ إلى خصوصيّات اللوازم تفصيلا. نهاية الأفكار ٤ : ١٨٤.
وأمّا المحقّق الأصفهانيّ : فأجاب عن الإيراد بقوله : «إنّ الأمارة تارة على الموضوعات ، كالبيّنة على شيء ، فاللازم حينئذ كون ما يخبر به الشاهدان ـ من عمد وقصد ـ ملتفتا إليه نوعا ؛ واخرى كالخبر عن الإمام عليهالسلام ، فإنّ شأن المخبر بما هو مخبر حكاية الكلام الصادر عن الإمام عليهالسلام بماله من المعنى الملتفت إليه بجميع خصوصيّاته للإمام عليهالسلام ، لا للمخبر ، إذ ربّ حامل فقه وليس بفقيه ، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، فمجرّد عدم التفات المخبر بلوازم الكلام المخبر عنه لا يوجب عدم حجّيّة المداليل الالتزاميّة للكلام الصادر عن الإمام عليهالسلام ، فإنّ كلّها ملتفت إليها للمتكلّم بها». نهاية الدراية ٣ : ٢٣٠.
ثمّ إنّ المحقّق النائينيّ ذكر وجها آخر لاعتبار مثبتات الأمارات دون الاصول. وتعرّض له تلميذه السيّد المحقّق الخوئيّ ثمّ أورد عليه بوجهين ، فراجع ما أفاداه في فوائد الاصول ٤ : ٤٩٢ ، ومصباح الاصول ٣ : ١٥٤ ـ ١٥٥.