كما لا يبعد ترتيب ما كان بوساطة ما لا يمكن التفكيك عرفا بينه وبين المستصحب تنزيلا ، كما لا تفكيك بينهما واقعا ، أو بوساطة ما لأجل وضوح لزومه له أو ملازمته معه بمثابة عدّ أثره أثرا لهما ، فإنّ عدم ترتيب مثل هذا الأثر عليه يكون نقضا ليقينه بالشكّ أيضا بحسب ما يفهم من النهي عن نقضه عرفا (١) ، فافهم (٢).

__________________

ـ المستصحب ، لا من آثار السراية.

واستدلّ المصنّف قدس‌سره على استثناء هذا المورد بأنّ المتفاهم العرفيّ من أخبار حجّيّة الاستصحاب أنّ مفادها يشمل حقيقة أثر الواسطة الخفيّة كما يشمل أثر نفس المستصحب.

(١) والحاصل : أنه يستثنى أيضا من عدم حجّيّة الاصول المثبتة موردين آخرين :

الأوّل : ما أشار إليه بقوله : «ما كان بواسطة ما لا يمكن ...». وهو ما إذا كانت الواسطة بمثابة يمتنع التفكيك بينها وبين ذيها تنزيلا ، كما يمتنع التفكيك بينهما واقعا ، كالعلّة التامّة ومعلولها ، فإنّ التعبّد بالعلّة يستلزم التعبّد بالمعلول ، أو كالمتضايفين ، فإنّ التعبّد بأبوّة زيد لعمرو ملازم عرفا للتعبّد ببنوّة عمرو لزيد.

الثاني : ما أشار إليه بقوله : «أو بوساطة ما لأجل ...». وهو ما إذا كانت الواسطة بمثابة يمتنع عرفا التفكيك بينها ويبن ذيها تنزيلا ، وإن لم يستحيل الانفكاك بينهما واقعا ، كما إذا كان لزوم الواسطة للمستصحب أو ملازمته معه واضحا جدّا ، بحيث يعدّ أثر الواسطة أثرا لهما. ومثاله : ضوء الشمس الّذي هو لازم بقاء قرص الشمس في قوس النهار ، فيترتّب على المستصحب ـ وهو بقاء قرص الشمس ـ الأثر الشرعيّ المترتّب على ضوء الشمس ، وهو طهارة البواري المجفّفة بضوئها.

فالفرق بين الموردين أنّ في المورد الأوّل يمتنع التفكيك عرفا وواقعا ، وفي المورد الثاني إنّما يمتنع التفكيك عرفا ، ضرورة أنّه يمكن انفكاك ضوء الشمس عن بقاء قرصها واقعا.

(٢) لعلّه إشارة إلى ما أورده المحقّق النائينيّ والمحقّق الأصفهانيّ على حجّيّة مثبتات الاصول في الموارد الثلاثة.

أمّا المحقّق النائينيّ : فأورد على استثناء المورد الأوّل بما حاصله : أنّه لا عبرة بنظر العرف والمسامحات العرفيّة في المقام ، فإنّ نظر العرف انّما يكون متّبعا في تعيين مفهوم اللفظ عند الشكّ فيه أو في ضيقه وسعته مع العلم بأصله في الجملة ، كما يكون متّبعا في تشخيص مقوّمات الموضوع بحسب ما هو المرتكز في ذهنه من مناسبة الحكم والموضوع.

ولا يجوز الرجوع إلى العرف والأخذ بمسامحتهم في التطبيق بعد تعيين المفهوم. وعليه فإن ـ

۴۴۳۱