أصلا ولو بنحو التعليق ، كيف! والمفروض أنّه مورد فعلا للخطاب بالتحريم (١) ـ مثلا ـ أو الإيجاب (٢) ، فكان على يقين منه قبل طروء الحالة فيشكّ فيه بعده. ولا يعتبر في الاستصحاب إلّا الشكّ في بقاء شيء كان على يقين من ثبوته. واختلاف نحو ثبوته لا يكاد يوجب تفاوتا في ذلك.
وبالجملة : يكون الاستصحاب متمّما لدلالة الدليل على الحكم فيما اهمل أو اجمل ، كان الحكم مطلقا أو معلّقا ، فببركته يعمّ الحكم للحالة الطارئة اللاحقة كالحالة السابقة ، فيحكم مثلا بأنّ العصير الزبيبيّ يكون على ما كان عليه سابقا في حال عنبيّته من أحكامه المطلقة (٣) والمعلّقة (٤) لو شكّ فيها ، فكما يحكم ببقاء ملكيّته يحكم بحرمته على تقدير غليانه.
إن قلت : نعم ، ولكنّه لا مجال لاستصحاب المعلّق ، لمعارضته باستصحاب ضدّه المطلق ، فيعارض استصحاب الحرمة المعلّقة للعصير باستصحاب حلّيّته المطلقة (٥).
__________________
(١) كما يقال : «ماء العنب إذا غلى يحرم» مع أنّ ماء العنب المغلي لا يكون موجودا فعلا ، بل يكون موجودا بنحو التعليق.
(٢) كما يقال : «الصلاة واجبة على المرأة الخالية عن الحيض إذا دخل الوقت».
(٣) كملكيّته.
(٤) كحرمته.
(٥) حاصل الإشكال : أنّه لو سلّم تماميّة المقتضي لجريان الاستصحاب التعليقيّ فيشكل جريانه من جهة أنّه محفوف بالمانع دائما ، وهو استصحاب ضدّه. بيان ذلك : أنّ كلّ ما كان محكوما بالحرمة التعليقيّة ـ مثلا ـ محكوم بالحلّيّة التنجزيّة قبل حصول المعلّق عليه الحرمة ، فبعد حصوله والشكّ في حكمه يمكن استصحاب حكمه التنجيزيّ ـ وهو الحلّيّة ـ كما يمكن استصحاب حكمه التعليقيّ ـ وهو الحرمة ـ ، فيتحقّق التعارض بين الاستصحابين دائما. ففي مثال العصير الزبيبيّ كما يمكن الحكم بحرمته على تقدير الغليان بواسطة استصحاب حكمه التعليقيّ كذلك يمكن الحكم بحلّيّته المنجّزة الفعليّة المتيقّنة قبل الغليان بواسطة الاستصحاب ، فيتعارض الاستصحابان ويتساقطان ويرجع إلى قاعدة الحلّ.