محكوم بالبقاء ، فتكون الحجّة على ثبوته حجّة على بقائه تعبّدا ، للملازمة بينه (١) وبين ثبوته واقعا.

إن قلت : كيف! وقد اخذ اليقين بالشيء في التعبّد ببقائه في الأخبار ، ولا يقين في فرض تقدير الثبوت.

قلت : نعم ، ولكنّ الظاهر أنّه اخذ كشفا عنه ومرآة لثبوته ، ليكون التعبّد في بقائه ، والتعبّد مع فرض ثبوته إنّما يكون في بقائه ، فافهم (٢).

__________________

(١) أي : بين البقاء.

(٢) ولا يخفى : أنّ الأعلام من المحقّقين المتأخّرين ـ بعد ما أوردوا على ما أفاد المصنّف قدس‌سره جوابا عن الإشكال بإيرادات يرجع بعضها إلى المبنى وبعض آخر إلى البناء ـ ذكر كلّ على مبناه وجوها أخر في التفصيّ عن الإشكال. ونكتفي بالتعرّض لما أفادوا تفصّيا عن الإشكال ، وتركنا الإيرادات خوفا من التطويل.

أمّا المحقّق النائينيّ : فتفصّى عن الإشكال بما حاصله : أنّ المراد من اليقين المعتبر في الاستصحاب ليس هو اليقين الوجدانيّ ، بل كلّ ما يكون محرزا للمستصحب بأحد وجوه الإحراز من اليقين الوجدانيّ أو ما هو بمنزلته كالطرق والاصول المحرزة ، بناء على قيامهما مقام القطع الطريقيّ. فلو قام طريق أو أمارة على ثبوت حكم أو موضوع ذي حكم ثمّ شكّ في بقاء الحكم أو الموضوع الّذي أدّت إليه الأمارة والطريق فلا مانع من استصحاب بقاء مؤدّى الأمارة والطريق ، لأنّ المستصحب قد احرز بقيام الأمارة عليه. فوائد الاصول ٤ : ٤٠٣ ـ ٤٠٤.

وتفصّي المحقّق العراقيّ بأنّ مفاد أدلّة الطرق والأمارات ناظر إلى تتميم الكشف وإثبات الإحراز التعبّديّ للواقع ؛ وحينئذ فأدلّة الطرق والأمارات بعناية تكفّلها لإثبات العلم والإحراز يوسّع دائرة اليقين المنقوض والناقض في الاستصحاب بما يعمّ الوجدانيّ والتعبّديّ. وبذلك يكون المستصحب عند قيام الأمارة أو الطريق عليه محرزا باليقين التعبّديّ ، ومع الشكّ في بقائه في الزمان المتأخّر يجري فيه الاستصحاب ، لتماميّة أركانه من إحراز السابق والشكّ اللاحق. فلا يحتاج إلى جعل اليقين في أخبار الاستصحاب كناية عن مطلق الإحراز ـ كما صنعه المحقّق النائينيّ ـ ، كي يلزم تقدّم الأمارة عليه بمناط الورود لا الحكومة. نهاية الأفكار ٤ : ١٠٥ ـ ١٠٩.

وتفصّي السيّد الإمام الخمينيّ ـ بعد ما بنى على كون اليقين معتبرا في موضوع الاستصحاب ـ بما حاصله : أنّ العرف لأجل مناسبة الحكم والموضوع يلغي خصوصيّة ـ

۴۴۳۱