بمثل حديث الرفع ، كذلك يمكن تخصيصها (١) بهذا الحال بحسب الأدلّة الاجتهاديّة ؛ كما إذا وجّه الخطاب على نحو يعمّ الذاكر والناسي بالخالي عمّا شكّ في دخله مطلقا ، وقد دلّ دليل آخر على دخله في حقّ الذاكر ؛ أو وجّه إلى الناسي خطاب يخصّه بوجوب الخالي بعنوان آخر عامّ أو خاصّ ، لا بعنوان الناسي كي يلزم استحالة إيجاب ذلك عليه بهذا العنوان ، لخروجه عنه بتوجيه الخطاب إليه لا محالة ؛ كما توهّم لذلك استحالة تخصيص الجزئيّة أو الشرطيّة بحال الذكر وإيجاب العمل الخالي عن المنسيّ على الناسي ، فلا تغفل(٢).
__________________
ـ العمل إلّا مع الالتفات إليه وإلى موضوعه ، وما لم يمكن الانبعاث لا يمكن البعث بالضرورة ، فلا يمكن توجيه التكليف إليه فعلا. فرائد الاصول ٢ : ٣٦٣.
ولكن ذهب المصنّف قدسسره إلى إمكان توجيه التكليف بالناقص إلى الناسي لا بعنوان الناسي ، بل بأحد طريقين :
الأوّل : ما أشار إليه بقوله : «كما إذا وجّه الخطاب ...». وحاصله : أن يتعلّق التكليف بما عدا الجزء المنسيّ ، سواء كان المكلّف ذاكرا أو ناسيا ، ثمّ يتعلّق تكليف آخر لخصوص الذاكر بالجزء الّذي يذكره ، فيختصّ الناسي بالتكليف بما عدا الجزء المنسيّ بعنوان أنّه مكلّف لا بعنوان أنّه ناس.
الثاني : ما أشار إليه بقوله : «أو وجّه إلى الناسي ...». وحاصله : أن يوجّه الخطاب بالناقص إلى الناسي لا بعنوان الناسي ، بل بعنوان آخر ملازم للنسيان واقعا ، كقليل الحافظة أو بلغمي المزاج وغيرهما ، فيكون الخطاب باعثا ومحرّكا حال النسيان.
والحاصل : أنّه يمكن اختصاص الجزئيّة أو الشرطيّة بحال الذكر وتخصيصها بحال النسيان ، فيقال : «لا يعتبر الجزء والشرط في المأمور به إلّا في حال النسيان».
وممّا ذكرنا يظهر أنّه يمكن الجمع بين كلام الشيخ وكلام المصنّف قدسسره ، بأن يقال : «توجّه التكليف إلى الناسي بعنوان الناسي محال ، وبعنوان آخر ممكن».
(١) وفي بعض النسخ : «تخصيصهما». والصحيح ما أثبتناه.
(٢) وقد وقع كلام الشيخ والمصنّف مورد النقض والإبرام عند المحقّقين من الأعلام ، فذكروا وجوها أخر في إثبات إمكان توجيه التكليف إلى الناسي وجريان البراءة في الجزء أو الشرط المنسيّ. فراجع فوائد الاصول ٤ : ٢١٠ ، نهاية الأفكار ٣ : ٤٢٠ ـ ٤٢٢ ، نهاية الدراية ٢ : ٦٥٩ ـ ٦٦٦ ، أجود التقريرات ٢ : ٣٠٤ ـ ٣١٠ ، درر الفوائد ٢ : ١٤١ ـ ١٤٣ ، أنوار الهداية ٢ : ٣٣٣ ـ ٣٤٧ ، مصباح الاصول ٢ : ٤٦٠ ـ ٤٦٥ ، مجمع الأفكار ٣ : ٥٦٢ ـ ٥٦٦.