مجعول ، والمرفوع بحديث الرفع إنّما هو المجعول بنفسه أو أثره. ووجوب الإعادة إنّما هو أثر بقاء الأمر الأوّل بعد التذكّر ، مع أنّه عقليّ ، وليس إلّا من باب وجوب الإطاعة عقلا (١).
__________________
ـ الّتي كانت جزئيّتها مجهولة ، فيطبّق حديث (رفع ما لا يعلمون) عليها ويحكم بنفي جزئيّتها. وأمّا الأجزاء المنسيّة فلا يطبّق عليها (رفع ما لا يعلمون) ، فهي خارجة عن محلّ البحث.
وفيه : أنّ كلام المصنّف قدسسره : «جزئيّة السورة المنسيّة» ناظر إلى بيان مورد من موارد الجهل بالجزئيّة ، وهي الجهل بجزئيّة الجزء المنسيّ حال النسيان ، بأن يشكّ في أنّ الجزء المنسيّ هل يبقى على جزئيّته حال النسيان فيجب إعادة المأمور به بعد التذكّر أو لا يبقى على جزئيّته حال النسيان ولا يجب إعادته بعد التذكّر؟ وحينئذ يستدلّ على نفي جزئيّته حال النسيان بفقرة : «رفع ما لا يعلمون». وأمّا الاستدلال على رفعه بفقرة : «رفع النسيان» فيتعرّض له المصنّف في ثاني التنبيهات الآتية.
(١) توضيح الإشكال : أنّ حديث الرفع انّما يشمل ما تناله يد الجعل والرفع التشريعيّين ، فلا يشمل ما إذا لم يكن المجهول مجعولا شرعيّا أو ممّا يترتّب عليه أثر شرعيّ. ومعلوم أنّ جزئيّة الجزء المنسيّ حال النسيان ليست بمجعولة ولا ممّا يترتّب عليه أثر شرعيّ ، فلا يشملها حديث الرفع.
إن قلت : إنّ الجزئيّة وإن لم تكن بنفسها أمرا مجعولا شرعيّا ، إلّا أنّها ممّا يترتّب عليه الأثر الشرعيّ ، فإنّ أثرها الشرعيّ وجوب إعادة العبادة بعد التذكّر ، كما أنّ أثر عدم جزئيّته في هذا الحال عدم وجوب إعادتها بعد التذكّر ، وعليه فيشملها حديث الرفع وتجري البراءة في الجزئيّة بلحاظ أثرها.
قلت : إنّ وجوب الإعادة ليس من آثار ثبوت الجزئيّة حال النسيان ، بل هو من آثار بقاء الأمر الأوّل المتعلّق بالمركّب التامّ على نحو الكلّي ، كقوله تعالى : ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ البقرة / ٤٣ ، أو من آثار الأمر الأوّل المتعلّق بكلّ جزء من الأجزاء على حدة كقوله عليهالسلام : «لا تقرأ في المكتوبة بأقلّ من سورة ولا بأكثر» ـ وسائل الشيعة ٤ : ٧٣٦ ، الباب ٤ من أبواب القراءة في الصلاة ، الحديث ٢ ـ ، فإنّ اشتغال الذمّة بالأمر الأوّل يقينيّ ، وبعد التذكّر يشكّ في تحقّق الامتثال بإتيان الأقلّ الخالي عن الجزء المنسيّ وعدمه ، ويحكم العقل بأنّ الاشتغال اليقينيّ يقتضي الفراغ اليقينيّ وهو يحصل بإعادة العبادة.
مضافا إلى أنّ وجوب الإعادة ليس بأثر شرعيّ ، بل هو أثر عقليّ من باب وجوب إطاعة الأمر الأوّل الباقي على حاله ، فلا يرتفع بمثل حديث الرفع.