ومن هنا قد انقدح : أنّه لا يكون من قبل لزوم الالتزام مانع عن إجراء الاصول الحكميّة أو الموضوعيّة في أطراف العلم لو كانت جارية مع قطع النظر عنه (١).

كما لا يدفع بها (٢) محذور عدم الالتزام به (٣) ، بل الالتزام بخلافه (٤) لو قيل بالمحذور فيه (٥) حينئذ أيضا ، إلّا على وجه دائر ، لأنّ جريانها موقوف على عدم محذور في عدم الالتزام اللازم من جريانها ، وهو موقوف على جريانها بحسب الفرض (٦).

__________________

(١) والحاصل : أنّه على تقدير لزوم الموافقة الالتزاميّة يجب الالتزام بما هو الثابت عند الله واقعا والاعتقاد بحكم الله الواقعيّ على واقعه ، ولو لم يعلم مصداق ما هو الثابت عنده تعالى مفصّلا. وهذا الالتزام ممكن أيضا فيما إذا دار الأمر بين المحذورين ، كما إذا دار الأمر بين الوجوب والحرمة ، إذ يمكن الالتزام بما هو الثابت عند الله واقعا. والالتزام به كذلك لا ينافي جريان الاصول الحكميّة ـ كأصالة الإباحة فيما دار أمره بين الوجوب أو الحرمة ـ أو الموضوعيّة ـ كاستصحاب عدم تعلّق الحلف بوطء المرأة فيما إذا تردّدت بين من وجب وطئها وبين من وجب ترك وطئها ـ ، ضرورة أنّ الملتزم به هو الحكم الثابت عند الله واقعا ، وما يثبت بالاصول هو الحكم الظاهريّ ، ولا تنافي بينهما.

(٢) أي : بالاصول الحكميّة أو الموضوعيّة. وفي بعض النسخ : «ولا يدفع هنا».

(٣ ـ ٤) الضمير يرجع إلى التكليف.

(٥) أي : في عدم الالتزام.

(٦) لا يخفى : أنّ في النسخة الأصليّة ضرب قلم المحو على قوله : «بل الالتزام بخلافه ... بحسب الفرض». وأمّا في غيرها من النسخ المخطوطة بل في النسخ المطبوعة ـ عدا ما في حقائق الاصول ـ فالزيادة موجودة.

ولا يخفى أيضا : أنّ كلامه هذا تعريض بما أفاده الشيخ الأنصاريّ ـ في فرائد الاصول ١ : ٨٤ ـ من دفع محذور عدم الالتزام بالتكليف بإجراء الاصول الموضوعيّة أو الحكميّة.

وتوضيحه يتوقّف على بيان امور :

الأوّل : أنّه إذا كان المكلّف متمكّنا من الموافقة الالتزاميّة تجب عليه الموافقة والالتزام عقلا على تقدير لزوم الموافقة الالتزاميّة ، وإلّا لزم لغويّة لزوم الموافقة الالتزاميّة. فلزوم الموافقة علّة لوجوبها عقلا ، ولا مانع من تأثيره فيها إلّا عدم التمكّن من الموافقة ، والمفروض أنّه متمكّن من الموافقة ، بأن يلتزم بما هو الثابت واقعا ولو إجمالا ، فلا مانع من تأثيره. وإذن يكون القول بعدم وجوب الموافقة على تقدير لزوم الموافقة قولا بجواز تخلّف العلّة عن معلولها ، وبطلانه واضح.

ومن هنا يظهر امور : ـ

۴۱۹۱