اللهمّ إلّا أن يقال (١) : إنّ استقلال العقل بالمحذور فيه إنّما يكون فيما إذا لم يكن هناك ترخيص في الإقدام والاقتحام في الأطراف ، ومعه لا محذور فيه ، بل ولا في الالتزام بحكم آخر. إلّا أنّ الشأن حينئذ في جواز جريان الاصول في أطراف العلم الإجماليّ مع عدم ترتّب أثر عمليّ عليها ، مع أنّها أحكام عمليّة كسائر الأحكام الفرعيّة ؛ مضافا إلى عدم شمول أدلّتها لأطرافه ، للزوم التناقض في مدلولها على تقدير شمولها ، كما ادّعاه (٢) شيخنا العلّامة ـ أعلى الله مقامه (٣) ـ ، وإن كان محلّ تأمّل ونظر ، فتدبّر جيّدا.
__________________
ـ ١ ـ أنّ المراد من محذور عدم الالتزام بالتكليف هو تخلّف العلّة عن المعلول.
٢ ـ أنّ المحذور ثابت في الالتزام بخلاف التكليف أيضا ، كما أشار إليه المصنّف رحمهالله بقوله : «بل الالتزام بخلافه ...».
٣ ـ أنّ المراد من قوله : «حينئذ» هو حين العلم الإجماليّ بوجوب الشيء أو حرمته.
٤ ـ أنّ قوله : «أيضا» إشارة إلى ثبوت المحذور فيما إذا علم بالحكم تفصيلا.
الثاني : أنّه يستفاد من كلام الشيخ الأنصاريّ ـ في فرائد الاصول ١ : ٨٤ ـ أنّه يدفع محذور عدم الالتزام بالتكليف بسبب إجراء الاصول الحكميّة أو الموضوعيّة. وذلك لأنّ إجراء الأصل في الشبهة الموضوعيّة يرفع موضوع وجوب الالتزام ، فإنّ أصالة عدم الحلف على ترك وطء هذه المرأة أو عدم الحلف على وطئها ـ في مورد دوران الأمر بينهما ـ تخرج المرأة عن موضوع وجوب الالتزام ـ وهو وجوب الوطء أو حرمته ـ ، فلا يجب الالتزام بهما ، لعدم ثبوتهما.
الثالث : أنّه ذهب المصنّف رحمهالله إلى بطلان ما ذكره الشيخ في دفع محذور عدم الالتزام بالتكليف بإجراء الاصول ، لأنّه مستلزم للدور. وذلك لأنّ جريان الأصل في كلّ من الطرفين موقوف على عدم محذور في عدم الالتزام بالحكم الواقعيّ بسبب جريانها ، وإلّا لم تجر الأصول ، وعدم المحذور موقوف أيضا على جريانهما ، وهذا دور.
وبتعبير آخر : جريان الأصل موقوف على عدم ثبوت وجوب الالتزام ، فإنّ ثبوت وجوبه مناف لجريان الأصل ، وعدم ثبوت وجوبه موقوف على جريان الأصل ، وهذا دور.
(١) هذا استدراك على قوله : «كما لا يدفع بها ...» ودفع للدور وتصحيح لكلام الشيخ.
(٢) أي : ادّعى الشيخ عدم شمول أدلّة الاصول لأطراف العلم الإجماليّ.
(٣) راجع فرائد الاصول ٣ : ٤١٠.