إلّا خروجه فيما كان الحكم الّذي هو مفاد الآخر فعليّا ، وذلك لثبوت المقتضي في كلّ واحد من الحكمين فيها. فإذا لم يكن المقتضي لحرمة الغصب مؤثّرا لها ـ لاضطرار أو جهل أو نسيان ـ كان المقتضي لصحّة الصلاة مؤثّرا لها فعلا ، كما إذا لم يكن دليل الحرمة أقوى ، أو لم يكن واحد من الدليلين دالّا على الفعليّة أصلا.

فانقدح بذلك فساد الإشكال في صحّة الصلاة في صورة الجهل أو النسيان ونحوهما فيما إذا قدّم خطاب «لا تغصب» (١) ، كما هو الحال فيما إذا كان الخطابان من أوّل الأمر متعارضين ولم يكونا من باب الاجتماع أصلا. وذلك (٢) لثبوت المقتضي في هذا الباب ، كما إذا لم يقع بينهما تعارض ولم يكونا متكفّلين للحكم الفعليّ. فيكون وزان التخصيص في مورد الاجتماع وزان التخصيص العقليّ الناشئ من جهة تقديم أحد المقتضيين وتأثيره فعلا ، المختصّ (٣) بما إذا لم يمنع عن تأثيره مانع ، المقتضي (٤) لصحّة مورد الاجتماع مع الأمر أو بدونه فيما كان

__________________

(١) هذا ما أورده الشيخ الأعظم الأنصاريّ على الحكم بصحّة الصلاة في المغصوب مع العذر ، بناء على الامتناع وترجيح جانب النهي. وتوضيح كلامه : أنّه لا فرق بين العموم من وجه المتحقّق في مثل الصلاة والغصب وبين المتحقّق في قولهم : «اعتق رقبة» و «اعتق رقبة مؤمنة» فكما كان تقييد الرقبة بالإيمان مقتضيا لخلوّ عتق الكافرة عن المصلحة وخروجها من موضوع «اعتق رقبة» حتّى في حال النسيان والجهل ، كذلك ترجيح النهي على الأمر وتقييد الصلاة بالنهي يقتضي خلوّ الصلاة عن المصلحة وبطلانها حتّى في صورة الجهل والنسيان وغيرهما. راجع مطارح الأنظار : ١٢٨.

(٢) أي : فساد الإشكال.

وحاصل الجواب : أنّه فرق بين المقامين ، فإنّ العموم من وجه المتحقّق في مثل الصلاة والغصب يكون من موارد التزاحم ؛ وغلبة النهي على الأمر إنّما توجب خلوّ المورد عن الحكم الفعليّ ؛ وأمّا ملاكه باق على حاله. بخلاف العموم من وجه المتحقّق في مثل «اعتق رقبة» و «اعتق رقبة مؤمنة» ، فإنّه من موارد التعارض ، وتقييد الرقبة بالإيمان يقتضي خلوّ عتق الكافرة عن الملاك ، فضلا عن ثبوت الحكم الفعليّ.

(٣ و ٤) وصفان لقوله : «تقديم». ويحتمل أن يكونا وصفين لقوله : «التخصيص».

۴۱۹۱