معه (١) معاملة المجمل (٢).
وإن كان لأجل الشكّ فيما هو الموضوع له لغة ، أو المفهوم منه عرفا ، فالأصل يقتضي عدم حجّيّة الظنّ فيه ، فإنّه ظنّ في أنّه ظاهر ، ولا دليل إلّا على حجّيّة الظواهر(٣).
نعم ، نسب إلى المشهور (٤) حجّيّة قول اللغويّ بالخصوص في تعيين الأوضاع.
واستدلّ لهم باتّفاق العلماء بل العقلاء على ذلك ، حيث لا يزالون يستشهدون بقوله في مقام الاحتجاج بلا إنكار من أحد ولو مع المخاصمة واللجاج. وعن بعض (٥) دعوى الإجماع على ذلك.
وفيه : أنّ الاتّفاق ـ لو سلّم اتّفاقه ـ فغير مفيد ، مع أنّ المتيقّن منه هو الرجوع إليه مع اجتماع شرائط الشهادة من العدد والعدالة. والإجماع المحصّل غير حاصل ، والمنقول منه غير مقبول ، خصوصا في مثل المسألة ممّا احتمل قريبا أن يكون وجه ذهاب الجلّ ـ لو لا الكلّ ـ هو اعتقاد أنّه ممّا اتّفق عليه العقلاء من الرجوع إلى أهل الخبرة من كلّ صنعة فيما اختصّ بها. والمتيقّن من ذلك إنّما هو فيما إذا كان الرجوع يوجب الوثوق والاطمئنان (٦) ، ولا يكاد يحصل من قول اللغويّ وثوق بالأوضاع ، بل لا يكون اللغويّ من أهل خبرة ذلك ، بل إنّما هو من أهل خبرة موارد الاستعمال ، بداهة أنّ همّه ضبط موارده ، لا تعيين أنّ أيّا منها كان
__________________
(١) أي : مع الكلام المحفوف بما يصلح للقرينيّة.
(٢) لأنّ أصالة الحقيقة حجّة من باب الظهور ، لا من باب التعبّد.
(٣) أي : ولا دليل إلّا على حجّيّة ما ثبت كونه ظاهرا.
(٤) نسبه الشيخ الأعظم الأنصاريّ إلى المشهور. راجع فرائد الاصول ١ : ١٧٣.
(٥) نقل الشيخ الأعظم الأنصاريّ حكاية دعوى الإجماع عن السيّد المرتضى في بعض كلماته. فرائد الاصول ١ : ١٧٤.
ولم أعثر على دعوى الإجماع في كلماته. نعم ، قال : «إنّ ظاهر استعمال أهل اللغة اللفظ في شيء دلالة على أنّها حقيقة فيه ، إلّا أن ينقلنا ناقل عن هذا الظاهر». الذريعة في اصول الشريعة ١ : ١٣.
(٦) وفي بعض النسخ : «موجبا للوثوق والاطمئنان».