وقوله : الهمزة الثانية المراد بها الواو والياء لكن اُطلق عليهما الهمزة لكونها في الأصل همزة ولصيرورتهما همزة ، ولأنّ قوله الاُولى يقتضي الثانية قال في مقابلته هذا ، ولو قال : تعود الثانية بمعنى ترجع لكان أخصر وأوضح لكن لمّا أردفه بقوله همزة قلنا إنَّ عاد من الأفعال الناقصة بمعنى صارَ ليكون همزة خبره ولك أن تجعل همزة حالاً.

وهذا أسهل لكن قوله [ إذا انفتح ما قبلها ] أي ما قبل الثانية بعد حذف همزة الوصل فيه نظر بل هو وهم محض لأنّ الهمزة الثانية تعود عند سقوط همزة الوصل سواء انفتح ما قبلها أو انضمّ أو انكسر لزوال العلّة اعني اجتماع الهمزتين مثال ما انفتح ما قبلها قوله تعالى : «إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا» (١) الأصل : ايتِنا بالياء فلّما سقط همزة الوصل عادت الهمزة المنقلبة.

ومثال ما انضمّ ما قبلها قوله تعالى : «وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي» (٢) والاصل : ايذَنْ لّي بياء فلمّا سقط همزة الوصل اُعيدت الثانية ومثال ما انكسر ما قبلها قوله تعالى : «فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ» (٣) والاصل : اوتمن بالواو فعند سقوط الهمزة الاُولى عادت الثانية ، وكذا في المنقلبة واواً تقول في : اومل يا زيد اءمُلْ ويا قطام اءْمُلى باعادة الهمزة ولم يجيء ممّا تكون الاُولى همزة الوصل قلب الثانية الفاً لانّ همزة الوصل لا تكون مفتوحة إلّا في مواضع متعدّدة معيّنة.

[ وحذفت الهمزة على غير قياس من خُذْ وكُلْ ومُرْ ] يعني أنّ القياس يقتضي أن يكون الأمر من تأخذ وتأكل وتأمر ، اُوخُذْ واُوكُلْ واُومُرْ كَاُومُل لكنّهم لمّا اشتقّوا الأمر حذفوا الهمزة الأصليّة [ لكثرة الاستعمال ] ثمّ حذفت همزة الوصل لعدم الاحتياج اليها لزوال الابتداء بالسّاكن وهذا حذف غير قياسي وفى نظم هذه الثلاثة في سِلكٍ واحد تسامح لأنّ هذا

____________________________

(١) الانعام : ٧١.

(٢) التوبة : ٤٩.

(٣) البقرة : ٢٨٣.

۶۳۲۱