نحو : عندي منوان سمناً ، أو بنون شبه الجمع نحو : عندي عشرون درهماً ، أو بالإضافة نحو : عندي ملؤه عَسَلاً أي ملء الإناء عَسَلاً ، فإنّ راقود ومنوين وعشرين وملؤه مبهمة تحتمل أشياء مختلفة وخلّاً وعسلاً ودرهماً وسمناً يرفع ذلك الإبهام ويميّز المقصود عن غيره ولا بدّ للتمييز من عامل يعمل فيه وهو إمّا فعل نحو : طاب ، وإمّا اسم نحو : عشرون.

والتمييز لا يتقدّم على عامله الاسم بالاتّفاق لضعف الاسم في العمل فلا يقال : درهماً عشرون ، وفي تقديمه على عامله الفعل خلاف فبعضهم جوّزه لقوّة الفعل في العمل متمسّكاً بقول الشاعر :

أتهْجَرُ لَيْلىٰ بِالفَراقِ حَبيبَها

وَمٰا كٰادَ نفساً بالفراقِ تَطيبُ (١)

فإنّ نفساً قد تقدّم على تطيب والمختار عدم الجواز لأنّ الفعل وإن كان قويّاً في العَمَل لكنّ المانع من التقديم عليه موجود وهو أنّ التمييز في الحقيقة فاعل كما ذكرناه والفاعل لا يتقدّم على الفعل والجواب عن البيت أنّ الرواية الفصيحة وما كاد نفسي على أنّ نفسي اسم كاد وتطيب خبره.

قال : والمستثنى بإلّا بعد كلام موجب نحو : جاءني القوم إلّا زيداً ، وبعد كلام غير موجب نحو : ما جاءني أحد إلّا زيداً ، وإن كان الفصيح هو البدل.

أقول : الضرب الثالث من ضروب الملحق بالمفعول ، المستثنى ، وإنّما اُلحق به لأنّه إمّا فضلة في الكلام أو مفعول في الحقيقة كما سيتحقّق بُعيَد هذا.

والمستثنى إمّا «بإلّا» أو بغير إلّا ، والثاني هو المستثنى إمّا «بما عدا» أو

____________________________

(١) الهجر ضدّ الوصل أي اتهجر ليلى عاشقها في الفراق وما كاد الشان تطيب ليلى نفساً بالفراق الهمزة للاستفهام فاعل اتهجر ليلى وحبيبها مفعول له وقوله بالفراق المحلّ النصب على الظرفية متعلّق بتهجر والواو حاليّة وما نافية واسم كاد ضمير الشأن وخبرها تطيب وبالفراق متعلّق بتطيب مقدّم عليه وفيها ضمير مستتر راجع الى ليلى ونفساً تمييز عن تطيب تقدّم عليه وهو الاستشهاد حلبي.

۶۳۲۱