العاشر : الفقّاع (١)


هذا كلّه فيما إذا قلنا بطهارة عصيري التمر والزبيب ، وأما إذا قلنا بنجاستهما إلحاقاً لهما بالعصير العنبي عند القائلين بنجاسته فلا مانع أيضاً من أكلهما في الأغذية والأطعمة إذا لم يعرض عليهما الغليان ، وأما إذا غليا فيحكم بنجاسة ما حولهما ولو بمقدار قليل ، ومع تنجس شي‌ء من المرق يتنجس الجميع فلا محالة يحرم أكلهما مع المرق والطّبيخ ، ولا ينفع حينئذ استهلاك ذلك المقدار النجس القليل في بقية أجزاء الطبيخ لأنه ينجّس البقية بمجرد ملاقاتها ، نظير ما إذا أصابته قطرة دم أو بول لأنها ينجّس جميع المرق وشبهه وإن كانت مستهلكة في ضمن المرق.

فتحصّل أن المسألة تبتني على المسألة المتقدِّمة ، وحيث إنّا نفينا هناك حرمة عصيري التمر والزبيب فضلاً عن نجاستهما فلا نرى مانعاً من أكلهما في الطبيخ والمرق وكذلك الحال في العنب ، لأنّا وإن قلنا بحرمة عصيره إلاّ أنّا أنكرنا نجاسته ، وقد عرفت أنّ الحرمة غير مانعة عن جواز أكله في الأطعمة والأمراق ما دام لم تطرأ عليه صفة الإسكار فيما إذا كان بمقدار يستهلك في بقية الطبيخ والمرق.

(١) لا إشكال في نجاسة الفقاع في الشريعة المقدّسة كحرمته ، بل الظاهر أنها اتفاقيّة بين أصحابنا القائلين بنجاسة الخمر ، وتدلّ على نجاسته الأخبار المستفيضة منها : مكاتبة ابن فضال ، قال : « كتبتُ إلى أبي الحسن عليه‌السلام أسأله عن الفقّاع فقال : هو الخمر وفيه حد شارب الخمر » (١). ومنها : موثقة عمّار قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الفقّاع فقال : هو خمر » (٢) إلى غير ذلك من الأخبار ، حيث اشتملت على أنّ الفقّاع خمر وورد في بعضها أنه خمر مجهول (٣) ، وهذا إما لأجل أنّ الفقّاع خمر حقيقة وإن كان إسكاره ضعيفاً بحيث لا يسكر إلاّ بشرب مقدار كثير منه وعن بعض أهل الخبرة والاطلاع أن المادة الألكلية التي تدور عليها رحى الإسكار‌

__________________

(١) ، (٢) الوسائل ٢٥ : ٣٦٠ / أبواب الأشربة المحرمة ب ٢٧ ح ٢ ، ٤.

(٣) كما في موثقة ابن فضال ورواية أبي جميلة المرويتين في الوسائل ٢٥ : ٣٦١ / أبواب الأشربة المحرّمة ب ٢٧ ح ١١ ، ٨.

۴۶۳